لِلْحَدِّ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا مَرَّ، وَإِنَّمَا شُرِطَتْ لِلْمَالِ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ يُدَارُ عَلَى كَوْنِ الْحَدِّ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُ التُّهْمَةِ فِي كُلِّ فَرْدٍ، وَلِأَنَّ السَّرِقَةَ تُقَامُ عَلَى الِاسْتِسْرَارِ عَلَى غِرَّةٍ مِنْ الْمَالِكِ فَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ إعْلَامُهُ فَبِالْكِتْمَانِ يَصِيرُ فَاسِقًا آثِمًا، ثُمَّ التَّقَادُمُ كَمَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي الِابْتِدَاءِ يَمْنَعُ الْإِقَامَةَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ حَتَّى لَوْ هَرَبَ بَعْدَ مَا ضُرِبَ بَعْضَ الْحَدِّ ثُمَّ أُخِذَ بَعْدَ مَا تَقَادَمَ الزَّمَانُ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي بَابِ
خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا مَرَّ، وَالدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهِ وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْمَالِ وَهُوَ حَقُّ الْعَبْدِ. وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ الْحُكْمَ يُدَارُ) جَوَابٌ آخَرُ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُبْطِلَ لِلشَّهَادَةِ فِي التَّقَادُمِ فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى هُوَ تُهْمَةُ الضَّغِينَةِ وَالْعَدَاوَةِ، وَذَلِكَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَى كَوْنِ الْحَدِّ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ وُجِدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي كُلِّ فَرْدٍ أَوْ لَا، كَمَا أُدِيرَ الرُّخْصَةُ عَلَى السَّفَرِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى وُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ.
وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ السَّرِقَةَ) جَوَابٌ آخَرُ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ السَّرِقَةَ (تُقَامُ عَلَى الِاسْتِسْرَارِ) لِأَنَّهَا تُوجَدُ فِي ظُلْمِ اللَّيَالِيِ غَالِبًا (عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ الْمَالِكِ) فَلَا يَكُونُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَارِفًا بِالشَّهَادَةِ حَتَّى يَسْتَشْهِدَ بِالشَّاهِدِ (فَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ إعْلَامُهُ) فَإِذَا كَتَمَهُ صَارَ آثِمًا. وَقَوْلُهُ (ثُمَّ التَّقَادُمُ كَمَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ) أَيْ الِاسْتِيفَاءَ (مِنْ الْقَضَاءِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ إمَّا إعْلَامُ مَنْ لَهُ الْقَضَاءُ أَوْ التَّمْكِينُ لِمَنْ لَهُ الْقَضَاءُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ بِالْقَضَاءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute