للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُدُودِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ التَّقَادُمِ، وَأَشَارَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ حِينٍ، وَهَكَذَا أَشَارَ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يُقَدِّرْ فِي ذَلِكَ وَفَوَّضَهُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فِي كُلِّ عَصْرٍ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِشَهْرٍ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ عَاجِلٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَهُمْ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، أَمَّا إذَا كَانَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ بُعْدُهُمْ عَنْ الْإِمَامِ فَلَا تَتَحَقَّقُ التُّهْمَةُ. وَالتَّقَادُمُ فِي حَدِّ الشُّرْبِ كَذَلِكَ

وَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ يَحْصُلَانِ بِمُجَرَّدِ الْقَضَاءِ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ تَمَامُهُ إلَى الِاسْتِيفَاءِ، وَأَمَّا اللَّهُ فِي حُقُوقِهِ فَمُسْتَغْنٍ عَنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَكَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا النِّيَابَةَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي الِاسْتِيفَاءِ، فَلِذَلِكَ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَضَاءِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى

(وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ التَّقَادُمِ، وَأَشَارَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ حِينٍ) كَمَا ذَكَرْنَا (وَهَكَذَا أَشَارَ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يُقَدَّرْ فِي ذَلِكَ) نَقَلَ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ نَوَادِرِ الْمُعَلَّى. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: جَهَدْنَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُوَقِّتَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا فَأَبَى، وَفَوَّضَهُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فِي كُلِّ عَصْرٍ (وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَدَّرَهُ بِشَهْرٍ لِأَنَّ مَا دُونَهُ عَاجِلٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ) ذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ سَأَلَ الْقَاضِي مَتَى زَنَى بِهَا فَقَالُوا مُنْذُ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ أُقِيمَ الْحَدُّ، وَإِنْ قَالُوا شَهْرٌ أَوْ أَكْثَرُ دُرِئَ الْحَدُّ. قَالَ النَّاطِفِيُّ: فَقَدْ قَدَّرَهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِشَهْرٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ الْيَمِينِ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَ فُلَانٍ عَاجِلًا فَقَضَاهُ فِيمَا دُونَ الشَّهْرِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ. وَقَوْلُهُ (وَهُوَ الْأَصَحُّ) يَعْنِي تَقْدِيرَ التَّقَادُمِ بِشَهْرٍ. وَقَوْلُهُ (وَهَذَا) أَيْ الَّذِي قُلْنَا مِنْ تَقْدِيرِ التَّقَادُمِ بِشَهْرٍ (إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْقَاضِي وَبَيْنَهُمْ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، أَمَّا إذَا كَانَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْمَانِعَ بَعْدَهُمْ عَنْ الْإِمَامِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ التُّهْمَةُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>