لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الرَّاجِعُ قَاذِفَ حَيٍّ فَقَدْ بَطَلَ بِالْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ قَاذِفَ مَيِّتٍ فَهُوَ مَرْجُومٌ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَيُورِثُ ذَلِكَ شُبْهَةً. وَلَنَا أَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تَنْقَلِبُ قَذْفًا بِالرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ بِهِ تُفْسَخُ شَهَادَتُهُ فَجُعِلَ لِلْحَالِ قَذْفًا لِلْمَيِّتِ وَقَدْ انْفَسَخَتْ الْحُجَّةُ فَيَنْفَسِخُ مَا يَبْتَنِي عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ فِي حَقِّهِ فَلَا يُورِثُ الشُّبْهَةَ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْصَنٍ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِقِيَامِ الْقَضَاءِ فِي حَقِّهِ
لِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَاذِفٌ حَيٌّ فَقَدْ بَطَلَ بِالْمَوْتِ) يَعْنِي لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ لَا يُورَثُ (وَإِنْ كَانَ قَاذِفٌ مَيِّتٌ فَهُوَ مَرْجُومٌ بِحُكْمِ الْقَاضِي) وَذَلِكَ إنْ لَمْ يُسْقِطْ الْإِحْصَانَ فَلَا أَقَلَّ مِنْ إيرَاثِ الشُّبْهَةِ وَالْحَدُّ يَسْقُطُ بِهَا (وَلَنَا أَنَّ الشَّهَادَةَ تَنْقَلِبُ قَذْفًا بِالرُّجُوعِ) عَنْهَا لِأَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِهِ، وَإِذَا انْفَسَخَتْ كَانَتْ قَذْفًا لِانْتِفَاءِ الْحِسْبَتَيْنِ جَمِيعًا (فَجُعِلَ لِلْحَالِ قَذْفًا لِلْمَيِّتِ) وَإِذَا انْقَلَبَتْ قَذْفًا فَقَدْ انْفَسَخَتْ حُجِّيَّتُهَا، وَإِذَا انْفَسَخَتْ حُجِّيَّتُهَا انْفَسَخَ مَا يُبْنَى عَلَيْهَا وَهُوَ الْقَضَاءُ، وَإِذَا انْفَسَخَ الْقَضَاءُ انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِكَوْنِهِ مَرْجُومًا بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلَا يَسْقُطُ الْإِحْصَانُ وَلَا يُورِثُ الشُّبْهَةَ فَيَجِبُ حَدُّ قَاذِفِهِ، لَكِنْ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ وَزَعْمُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مُعْتَبَرٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَذَفَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْصَنٍ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِقِيَامِ الْقَضَاءِ فِي حَقِّهِ، لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي فِي زَعْمِهِ صَحِيحٌ مُتَقَرَّرٌ، فَكَانَ قَذْفُهُ وَاقِعًا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحْصَنِ فَلَا يَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْقَضَاءُ لَوْ كَانَ قَائِمًا فِي زَعْمِهِمْ وَجَبَ الْحَدُّ لَا مَحَالَةَ، فَإِذَا كَانَ قَائِمًا فِي زَعْمٍ دُونَ زَعْمٍ كَانَ قَائِمًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَمِثْلُهُ يُورِثُ الشُّبْهَةَ الدَّارِئَةَ لِلْحَدِّ. وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّ أَحَدَ الشُّهُودِ لَوْ ظَهَرَ عَبْدًا بَعْدَ الرَّجْمِ لَمْ يُحَدَّ الشُّهُودُ حَدَّ الْقَذْفِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا بَعْدَ الْجَلْدِ حُدَّ وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِأَنَّ الْقَذْفَ إنْ ثَبَتَ بِالشَّهَادَةِ ثَبَتَ مِنْ وَقْتِ الشَّهَادَةِ كَمَا قَالَ زُفَرُ. وَمَنْ قَذَفَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ الْمَقْذُوفُ لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَحَدَهُمْ إذَا ظَهَرَ عَبْدًا عُلِمَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةً بَلْ كَانَتْ قَذْفًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا شَهَادَةَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا فَقَدْ قَذَفَ حَيًّا فَيُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ رَجْمًا قَذَفَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَلَا يُحَدُّ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهَا كَانَتْ شَهَادَةً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَبِالرُّجُوعِ انْقَلَبَتْ قَذْفًا بَعْدَ الْمَوْتِ فَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute