إلَيْهِ، وَلَوْ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمَا ذَكَرْنَا كَذَا هَذَا، بِخِلَافِ مَا إذَا ضَرَبَ عُنُقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِرْ أَمْرَهُ
(وَإِذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ)؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ النَّظَرُ لَهُمْ ضَرُورَةَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فَأَشْبَهَ الطَّبِيبَ وَالْقَابِلَةَ
(وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَأَنْكَرَ الْإِحْصَانَ وَلَهُ امْرَأَةٌ قَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ) مَعْنَاهُ أَنْ يُنْكِرَ الدُّخُولَ بَعْدَ وُجُودِ سَائِرِ الشَّرَائِطِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِثَبَاتِ النَّسَبِ مِنْهُ حُكْمٌ بِالدُّخُولِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ طَلَّقَهَا يُعْقِبُ الرَّجْعَةَ وَالْإِحْصَانَ يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ
أَيْ فِعْلَ الرَّاجِمِ (إلَى الْإِمَامِ، وَلَوْ بَاشَرَهُ) الْإِمَامُ (بِنَفْسِهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمَا ذَكَرْنَا) أَنَّ فِعْلَ الْجَلَّادِ يَنْتَقِلُ إلَى الْقَاضِي وَهُوَ عَامِلٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَتَجِبُ الْغَرَامَةُ فِي مَالِهِمْ (كَذَا هَذَا، بِخِلَافِ مَا إذَا ضَرَبَ عُنُقَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِرْ أَمْرَهُ) لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالرَّجْمِ دُونَ حَزِّ الرَّقَبَةِ فَلَمْ يَنْتَقِلْ فِعْلُهُ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ) إلَى مَوْضِعِ الزِّنَا مِنْ الزَّانِيَيْنِ (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ) لِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ وَاضِحٌ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِإِقْرَارِهِمْ بِالْفِسْقِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّ النَّظَرَ إلَى عَوْرَةِ الْغَيْرِ قَصْدًا فِسْقٌ، وَإِنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إذَا لَمْ يُبَيِّنُوا كَيْفِيَّةَ النَّظَرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَقَعَ اتِّفَاقًا لَا قَصْدًا، وَلَكِنَّا نَقُولُ: النَّظَرُ إلَى عَوْرَةِ الْغَيْرِ عِنْدَ الْحَاجَةِ يَجُوزُ شَرْعًا، فَإِنَّ الْخَتَّانَ يَنْظُرُ وَالْقَابِلَةَ تَنْظُرُ وَالنِّسَاءَ يَنْظُرْنَ لِمَعْرِفَةِ الْبَكَارَةِ، وَبِالشُّهُودِ حَاجَةٌ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مَا لَمْ يَرَوْا كَالرِّشَاءِ فِي الْبِئْرِ وَالْمَيْلِ فِي الْمُكْحُلَةِ لَا يَسَعُهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا.
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (وَالْإِحْصَانُ يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ) أَيْ بِمِثْلِ هَذَا الدَّلِيلِ الَّذِي فِيهِ شُبْهَةٌ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عِنْدَنَا، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا يَثْبُتُ الدُّخُولُ الَّذِي هُوَ مِنْ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ بِالْحُكْمِ بِثُبُوتِ النَّسَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute