التَّعْيِيرُ الْكَامِلُ إلَى وَلَدِهِ، وَالْكُفْرُ لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الِاسْتِحْقَاقِ، بِخِلَافِ إذَا تَنَاوَلَ الْقَذْفُ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ التَّعْيِيرُ عَلَى الْكَمَالِ لِفَقْدِ الْإِحْصَانِ فِي الْمَنْسُوبِ إلَى الزِّنَا (وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَ مَوْلَاهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ الْحُرَّةِ، وَلَا لِلِابْنِ أَنْ يُطَالِبَ أَبَاهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ) لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يُعَاقَبُ بِسَبَبِ عَبْدِهِ، وَكَذَا الْأَبُ بِسَبَبِ ابْنِهِ، وَلِهَذَا لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ وَلَا السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَانْعِدَامِ الْمَانِعِ.
التَّعْيِيرُ الْكَامِلُ إلَى وَلَدِهِ) فَجَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْحَدِّ. فَإِنْ قِيلَ: جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَانِعُ مَوْجُودًا فَلَا يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُقْتَضَى. أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَالْكُفْرُ لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ اسْتِحْقَاقَ أَهْلِيَّةِ الْخُصُومَةِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا بِاعْتِبَارِ لُحُوقِ الشَّيْنِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْوَلَدِ الْكَافِرِ وَالْمَمْلُوكِ لِأَنَّ النِّسْبَةَ لَا تَنْقَطِعُ بِالرِّقِّ وَالْكُفْرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَنَاوَلَ الْقَذْفَ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ التَّعْيِيرُ عَلَى الْكَمَالِ لِفَقْدِ الْإِحْصَانِ فِي الْمَنْسُوبِ إلَى الزِّنَا. قَالَ (وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَ مَوْلَاهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ الْحُرَّةِ وَلَا لِلِابْنِ أَنْ يُطَالِبَ أَبَاهُ) أَوْ جَدَّهُ وَإِنْ عَلَا (بِقَذْفِ أُمِّهِ) وَجَدَّتِهِ وَإِنْ عَلَتْ، وَلَا أُمَّهُ وَلَا جَدَّتَهُ وَإِنْ عَلَتْ بِقَذْفِ نَفْسِهِ (لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يُعَاقَبُ بِسَبَبِ عَبْدِهِ) قَالَ ﷺ «لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ وَلَا السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ» فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ وَالْمُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ وَسَبَبُهُ مُتَيَقَّنٌ بِهِ فَلَأَنْ لَا يَجِبَ حَدُّ الْقَذْفِ وَالْمُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ وَسَبَبُهُ وَهُوَ الْقَذْفُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِيمَا نَسَبَهُ إلَيْهِ أَوْلَى. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ كَانَ لَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ) وَاضِحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute