وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ زِنَايَ مَا كَانَ مَعَك بَعْدَ النِّكَاحِ لِأَنِّي مَا مَكَّنْت أَحَدًا غَيْرَك. وَهُوَ الْمُرَادُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ، وَعَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ يَجِبُ اللِّعَانُ دُونَ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ لِوُجُودِ الْقَذْفِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ مِنْهَا فَجَاءَ مَا قُلْنَا.
(وَمَنْ أَقَرَّ بِوَلَدٍ ثُمَّ نَفَاهُ فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ) لِأَنَّ النَّسَبَ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ وَبِالنَّفْيِ بَعْدَهُ صَارَ قَاذِفًا فَيُلَاعَنُ (وَإِنْ نَفَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ حُدَّ) لِأَنَّهُ لَمَّا أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَطَلَ اللِّعَانُ لِأَنَّهُ حَدٌّ ضَرُورِيٌّ صُيِّرَ إلَيْهِ ضَرُورَةَ التَّكَاذُبِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدُّ الْقَذْفِ. فَإِذَا بَطَلَ التَّكَاذُبُ يُصَارُ إلَى الْأَصْلِ، وَفِيهِ خِلَافٌ ذَكَرْنَاهُ فِي اللِّعَانِ (وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ) فِي الْوَجْهَيْنِ لِإِقْرَارِهِ بِهِ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا،
وَقَوْلُهُ (وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ زِنَايَ مَا كَانَ مَعَك بَعْدَ النِّكَاحِ) اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْوَطْءَ بَعْدَ النِّكَاحِ لَا يُسَمَّى زِنًا فَلَا يَصْلُحُ مَحْمَلًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الزِّنَا يُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْمُشَاكَلَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ حَمَلَهَا عَلَى ذَلِكَ لِتَرْكِيبِ فَرْطِ غَيْظِهَا بِإِطْلَاقِ تِلْكَ الْكَلِمَةِ، وَعَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ لَا تَكُونُ مُصَدِّقَةً لِزَوْجِهَا فَيَجِبُ اللِّعَانُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَفِي حَالٍ لَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهَا وَيَجِبُ اللِّعَانُ عَلَى الزَّوْجِ، وَفِي حَالٍ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهَا وَلَا يَجِبُ اللِّعَانُ، فَوَقَعَ الشَّكُّ وَجَاءَ مَا قُلْنَا أَنَّهُ لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ.
قَوْلُهُ (لِأَنَّهُ) أَيْ اللِّعَانَ (حَدٌّ ضَرُورِيٌّ صَيَّرَ إلَيْهِ ضَرُورَةُ التَّكَاذُبِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدُّ الْقَذْفِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ الْآيَةَ (وَإِذَا بَطَلَ التَّكَاذُبُ) بِإِكْذَابِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ (يُصَارُ إلَى الْأَصْلِ وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِي الْوَجْهِ الَّذِي أَقَرَّ ثُمَّ نَفَى وَعَكْسِهِ. قَوْلُهُ (لِإِقْرَارِهِ بِهِ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا) أَيْ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِالْوَلَدِ سَابِقًا عَلَى النَّفْيِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ ثُمَّ نَفَى أَوْ لَاحِقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute