وَاللِّعَانُ يَصِحُّ بِدُونِ قَطْعِ النَّسَبِ كَمَا يَصِحُّ بِدُونِ الْوَلَدِ (وَإِنْ قَالَ لَيْسَ بِابْنِي وَلَا بِابْنِك فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ) لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْوِلَادَةَ وَبِهِ لَا يَصِيرُ قَاذِفًا.
(وَمَنْ قَذَفَ امْرَأَةً وَمَعَهَا أَوْلَادٌ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ أَبٌ أَوْ قَذَفَ الْمُلَاعَنَةَ بِوَلَدٍ وَالْوَلَدُ حَيٌّ أَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِقِيَامِ أَمَارَةِ الزِّنَا مِنْهَا وَهِيَ وِلَادَةُ وَلَدٍ لَا أَبَ لَهُ فَفَاتَتْ الْعِفَّةُ نَظَرًا إلَيْهَا وَهِيَ شَرْطُ الْإِحْصَانِ
فِيمَا إذَا نَفَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ.
وَقَوْلُهُ (وَاللِّعَانُ يَصِحُّ بِدُونِ قَطْعِ النَّسَبِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ سَبَبَ اللِّعَانِ هُنَا هُوَ نَفْيُ الْوَلَدِ فَلَمَّا لَمْ يَنْتِفْ الْوَلَدُ وَجَبَ أَنْ لَا يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا اللِّعَانُ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْمُتَضَمِّنِ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْمُتَضَمَّنِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ قَطْعَ النَّسَبِ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ اللِّعَانِ فَاعْتُبِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَيْ مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى الزِّنَا وَمَنْ نَفَى الْوَلَدَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْآخَرِ فَصَارَ كَأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى الزِّنَا مِنْ غَيْرِ نَفْيِ الْوَلَدِ بِأَنْ قَالَ يَا زَانِيَةُ وَفِيهِ اللِّعَانُ، فَكَذَا هَاهُنَا؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا تَطَاوَلَتْ مُدَّةُ وِلَادَةِ مَنْكُوحَتِهِ عَلَى حَسَبِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ بِابْنِي فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ مَعَ أَنَّ سَبَبَ اللِّعَانِ نَفْيُ الْوَلَدِ، وَلَمْ يَنْتِفْ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ زَانِيَةٌ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ لَيْسَ بِابْنِي وَلَا بِابْنِك) ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (أَوْ قَذَفَ الْمُلَاعَنَةَ بِوَلَدٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَذَا نَقَلَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ بِخَطِّ شَيْخِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَمَعْنَاهُ الَّتِي لَاعَنَتْ بِوَلَدٍ كَذَا فِي الْكَافِي. وَقَوْلُهُ (بِوَلَدٍ) يَتَّصِلُ بِالْمُلَاعَنَةِ.
وَقَوْلُهُ (فَفَاتَتْ الْعِفَّةُ نَظَرَ إلَيْهَا) أَيْ إلَى إمَارَةِ الزِّنَا (وَهُوَ) أَيْ الْعِفَّةُ وَذَكَرَهُ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ شَرْطٌ وَمَعْنَاهُ الْعِفَّةُ شَرْطُ وُجُوبِ حَدِّ الْقَذْفِ عَلَى الْقَاذِفِ وَهِيَ فَائِتَةٌ فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute