للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَجْعَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ) بِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ بِلَالًا وَلِأَنَّهُ أَبْلُغُ فِي الْإِعْلَامِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ أَصْلِيَّةٍ (وَالتَّثْوِيبُ فِي الْفَجْرِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ حَسَنٌ) لِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ (وَكُرِهَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ) وَمَعْنَاهُ الْعَوْدُ إلَى الْإِعْلَامِ بَعْدَ الْإِعْلَامِ وَهُوَ عَلَى حَسَبِ مَا تَعَارَفُوهُ، وَهَذَا التَّثْوِيبُ أَحْدَثَهُ عُلَمَاءُ الْكُوفَةِ بَعْدَ عَهْدِ الصَّحَابَةِ لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَخَصُّوا الْفَجْرَ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَالْمُتَأَخِّرُونَ اسْتَحْسَنُوهُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ.

وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ) أَيْ فَالْأَذَانُ حَسَنٌ لَا تَرْكُ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ السُّنَنِ الْأَصْلِيَّةِ حَيْثُ لَمْ يُذْكَرْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْأَذَانِ لَكِنَّهُ فِعْلٌ أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ بِلَالًا فَلَا يَلِيقُ أَنْ يُوصَفَ تَرْكُهُ بِالْحَسَنِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي زَوَالِ الْحُسْنِ الْمُتَمَكِّنِ فِي نَفْسِ الْأَذَانِ الَّذِي هُوَ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى فَكَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَذَانَ بِذَلِكَ الْفِعْلِ أَحْسَنُ وَبِتَرْكِهِ حَسَنٌ. وَقَوْلُهُ: (وَالتَّثْوِيبُ فِي الْفَجْرِ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ: (حَسَنٌ) خَبَرُهُ.

وَقَوْلُهُ: (وَكُرِهَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا رَأَى مُؤَذِّنًا يُثَوِّبُ فِي الْعِشَاءِ فَقَالَ: أَخْرِجُوا هَذَا الْمُبْتَدِعَ مِنْ الْمَسْجِدِ. وَرَوَى مُجَاهِدٌ قَالَ: دَخَلْت مَعَ ابْنِ عُمَرَ مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ الظُّهْرُ فَسَمِعَ مُؤَذِّنًا يُثَوِّبُ فَغَضِبَ وَقَالَ: قُمْ حَتَّى نَخْرُجَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الْمُبْتَدِعِ، فَمَا كَانَ التَّثْوِيبُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ إلَّا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ. وَقَوْلُهُ: (وَمَعْنَاهُ) أَيْ مَعْنَى التَّثْوِيبِ فِي الِاصْطِلَاحِ (الْعَوْدُ إلَى الْإِعْلَامِ بَعْدَ الْإِعْلَامِ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الرُّجُوعِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الثَّوَابُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ عَمَلِهِ تَعُودُ إلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ التَّثْوِيبُ (عَلَى حَسَبِ مَا تَعَارَفَهُ أَهْلُ كُلِّ بَلْدَةٍ) مِنْ التَّنَحْنُحِ أَوْ قَوْلُهُ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ أَوْ قَوْلُهُ: قَامَتْ قَامَتْ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِعْلَامِ إنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِمَا تَعَارَفُوهُ.

وَقَوْلُهُ: (وَهَذَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (التَّثْوِيبُ أَحْدَثَهُ عُلَمَاءُ الْكُوفَةِ بَعْدَ عَهْدِ الصَّحَابَةِ لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَخَصُّوا الْفَجْرَ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَا) أَنَّهُ وَقْتُ غَفْلَةٍ وَلَمْ يُذْكَرْ التَّثْوِيبُ الْقَدِيمُ هَاهُنَا، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ التَّثْوِيبَ الْأَوَّلَ كَانَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْأَذَانِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فَأَحْدَثَ النَّاسُ هَذَا التَّثْوِيبَ: يَعْنِي بِهِ قَوْلَهُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ (وَالْمُتَأَخِّرُونَ اسْتَحْسَنُوهُ) أَيْ التَّثْوِيبَ الْمُحْدَثَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ، وَلَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>