وَلَوْ أَخْرَجَ السَّارِقُ يَسَارَهُ وَقَالَ هَذِهِ يَمِينِي لَا يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ قَطْعَهُ بِأَمْرِهِ. ثُمَّ فِي الْعَمْدِ عِنْدَهُ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ حَدًّا. وَفِي الْخَطَأِ كَذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَعَلَى طَرِيقَةِ الِاجْتِهَادِ لَا يَضْمَنُ
(وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَيُطَالِبُ بِالسَّرِقَةِ) لِأَنَّ الْخُصُومَةَ شَرْطٌ لِظُهُورِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ لَا تَظْهَرُ إلَّا بِخُصُومَتِهِ،
قَوْلُهُ وَلَوْ أَخْرَجَ السَّارِقُ يَسَارَهُ) ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ فِي الْعَمْدِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّارِقِ (ضَمَانُ الْمَالِ) الْمَسْرُوقِ إنْ كَانَ هَالِكًا (لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ حَدًّا) وَإِنَّمَا خَصَّ أَبَا حَنِيفَةَ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى السَّارِقِ بِالِاتِّفَاقِ دَفْعًا لِمَا عَسَى أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ قَطْعَ الْيَسَارِ وَقَعَ حَدًّا عِنْدَهُ حَيْثُ لَمْ يُوجِبْ الضَّمَانَ عَلَى الْحَدَّادِ، فَأَزَالَ ذَلِكَ بِبَيَانِ وُجُوبِ الضَّمَانِ إيذَانًا بِأَنَّ الْقَطْعَ لَمْ يَقَعْ حَدًّا، إذْ الْقَطْعُ حَدًّا وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ عَلَى الْحَدَّادِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَخْلَفَ خَيْرًا لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْقَطْعَ وَقَعَ حَدًّا، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِهِمَا فَظَاهِرٌ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ الْحَدَّادَ فِي الْعَمْدِ فَلَا يَقَعُ الْقَطْعُ حَدًّا لَا مَحَالَةَ فَيَضْمَنُ السَّارِقُ لِعَدَمِ لُزُومِ الْجَمْعِ بَيْنَ الضَّمَانِ وَالْقَطْعِ حَدًّا.
وَقَوْلُهُ (وَفِي الْخَطَإِ كَذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ) أَيْ عَلَى طَرِيقَةِ أَنَّ الْقَطْعَ لَمْ يَقَعْ حَدًّا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ حَدًّا لَمْ يُوجَدْ مَا يُنَافِي الضَّمَانَ وَالْمُقْتَضِي وَهُوَ الْإِتْلَافُ مَوْجُودٌ فَيَجِبُ الضَّمَانُ أَلْبَتَّةَ (وَعَلَى طَرِيقَةِ الِاجْتِهَادِ) الَّذِي قُلْنَا فِي طَرِيقِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ ضَمَانَ الْيَدِ عَلَى الْحَدَّادِ بَطَلَ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ (لَا يَضْمَنُ) السَّارِقُ الْمَالَ لِوُقُوعِ الْقَطْعِ مَوْقِعَ الْحَدِّ بِالِاجْتِهَادِ وَالضَّمَانُ وَالْقَطْعُ حَدًّا لَا يَجْتَمِعَانِ.
قَالَ (وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَطَلَبِهِ السَّرِقَةَ لِلْقَطْعِ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى السَّرِقَةِ حِسْبَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute