للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْعَيْنِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَكَمُلَ النِّصَابُ عَيْنًا وَدَيْنًا، كَمَا إذَا اُسْتُهْلِكَ كُلُّهُ، أَمَّا نُقْصَانُ السِّعْرِ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ فَافْتَرَقَا.

(وَإِذَا ادَّعَى السَّارِقُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَسْرُوقَةَ مِلْكُهُ سَقَطَ الْقَطْعُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً) مَعْنَاهُ بَعْدَمَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِالسَّرِقَةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِأَنَّهُ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ سَارِقٌ فَيُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ الْحَدِّ. وَلَنَا أَنَّ الشُّبْهَةَ دَارِئَةٌ وَتَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِلِاحْتِمَالِ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِمَا قَالَ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ

(وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلَانِ بِسَرِقَةٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ مَالِي لَمْ يُقْطَعَا) لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَامِلٌ فِي حَقِّ الرَّاجِعِ وَمُورِثٌ لِلشُّبْهَةِ فِي حَقِّ الْآخَرِ، لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِمَا

فِي الْعَيْنِ (أَنَّ النُّقْصَانَ فِي الْعَيْنِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّارِقِ وَالضَّمَانُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَضْمُونِ فَكَانَ النِّصَابُ كَامِلًا عَيْنًا وَقْتَ الْأَخْذِ وَدَيْنًا وَقْتَ الِاسْتِيفَاءِ (كَمَا إذَا اسْتَهْلَكَ كُلَّهُ، أَمَّا نُقْصَانُ السِّعْرِ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ) فَكَانَ النِّصَابُ نَاقِصًا عِنْدَ الْقَطْعِ فَصَارَ شُبْهَةً (فَافْتَرَقَا).

(وَإِذَا ادَّعَى السَّارِقُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَسْرُوقَةَ مِلْكُهُ سَقَطَ الْقَطْعُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ) وَفَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (مَعْنَاهُ بَعْدَمَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِالسَّرِقَةِ) وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقَطْعُ بِالِاتِّفَاقِ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِإِفْضَائِهِ إلَى سَدِّ بَابِ الْحَدِّ حَيْثُ لَا يَعْجِزُ سَارِقٌ عَنْ ذَلِكَ. وَلَنَا أَنَّ الشُّبْهَةَ دَارِئَةٌ وَ) الشُّبْهَةُ (تَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى) لِاحْتِمَالِ الصِّدْقِ (وَلَا مُعْتَبَرَ بِمَا قَالَ) إنَّهُ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ سَارِقٌ (بِدَلِيلِ أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ صَحِيحٌ) وَمَا مِنْ مُقِرٍّ إلَّا وَيَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ، وَكَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا فِي إيرَاثِ الشُّبْهَةِ فَكَذَا هَذَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَالْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ كَامِلَةٌ لِمَا عُرِفَ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُورِثُ الشُّبْهَةِ فِي الْحُجَّةِ الْقَاصِرَةِ مُورِثًا لَهَا فِي الْكَامِلَةِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَمَالَ وَالْقُصُورَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّعَدِّي إلَى الْغَيْرِ وَعَدَمِهِ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُقِرِّ فَهُمَا سَوَاءٌ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلَانِ بِسَرِقَةٍ) مَبْنَاهُ عَلَى صِحَّةِ الرُّجُوعِ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَامِلٌ فِي حَقِّ الرَّاجِعِ) يَعْنِي لِعَدَمِ الْمُكَذِّبِ (وَمُورِثٌ لِلشُّبْهَةِ فِي حَقِّ الْآخَرِ لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>