وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ يُقْطَعُ فِي الْوَجْهَيْنِ) وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُقْطَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ أَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَى نَفْسِهِ وَطَرَفِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَالُ الْمَوْلَى، وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ إلَّا أَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ يُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ وَالْمَالِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهِ لِكَوْنِهِ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ.
وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ أَيْضًا، وَنَحْنُ نَقُولُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ آدَمِيٌّ
وَلَا أَبْغِي الْقَطْعَ لَمْ يَسْقُطْ الْقَطْعُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: كُلٌّ مِنْهُمَا أَصْلٌ، أَمَّا أَصَالَةُ الْقَطْعِ فِيمَا قَالُوا فِي الْحُرِّ إذَا أَقَرَّ وَقَالَ سَرَقْت هَذَا الْمَالَ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ فِي يَدِ عَمْرٍو وَكَذَّبَهُ عَمْرٌو، وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ، وَأَمَّا أَصَالَةُ الْمَالِ فَلِأَنَّهُ إذَا سَرَقَ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ لَا يُقْطَعُ وَالْخُصُومَةُ شَرْطٌ، وَلَوْلَا أَنَّ الْمَالَ أَصْلٌ لَوَجَبَ الْقَطْعُ بِدُونِهَا لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يُسْتَوْفَى بِلَا طَلَبٍ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَالُ أَصْلٌ وَالْقَطْعُ تَبَعٌ، وَوَجْهُهُ وَجْهُ أَبِي يُوسُفَ فِي أَصَالَةِ الْمَالِ
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا ظَهَرَ مَا فِي الْكِتَابِ سِوَى أَلْفَاظٍ نُبَيِّنُهَا، فَقَوْلُهُ (فِي الْوَجْهَيْنِ) يَعْنِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَوْ مُسْتَهْلَكًا.
وَقَوْلُهُ (فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مَأْذُونًا لَهُ، وَفِيمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أَوْ مُسْتَهْلَكًا. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى نَفْسِهِ) يَعْنِي فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِقَتْلِ الْغَيْرِ عَمْدًا (أَوْ طَرَفِهِ) يَعْنِي فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ. وَقَوْلُهُ (يُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ) يَعْنِي فِي الْمُسْتَهْلَكِ. وَقَوْلُهُ (وَالْمَالُ) يَعْنِي إذَا كَانَ قَائِمًا فِي يَدِهِ.
وَقَوْلُهُ (مِنْ حَيْثُ إنَّهُ آدَمِيٌّ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ آدَمِيٌّ مُخَاطَبٌ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَالٌ مَمْلُوكٌ، وَالْعَبْدُ فِي ذَلِكَ كَالْحُرِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute