ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى الْمَالِيَّةِ فَيَصِحُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ، وَلِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَضْرَارِ، وَمِثْلُهُ مَقْبُولٌ عَلَى الْغَيْرِ. لِمُحَمَّدٍ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْمَالِ بَاطِلٌ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالْغَصْبِ فَيَبْقَى مَالُ الْمَوْلَى، وَلَا قَطْعَ عَلَى الْعَبْدِ فِي سَرِقَةِ مَالِ الْمَوْلَى. يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمَالَ أَصْلٌ فِيهَا وَالْقَطْعُ تَابِعٌ حَتَّى تُسْمَعَ الْخُصُومَةُ فِيهِ بِدُونِ الْقَطْعِ وَيَثْبُتُ الْمَالُ دُونَهُ، وَفِي عَكْسِهِ لَا تُسْمَعُ وَلَا يَثْبُتُ، وَإِذَا بَطَلَ فِيمَا هُوَ الْأَصْلُ بَطَلَ فِي التَّبَعِ، بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ صَحِيحٌ فَيَصِحُّ فِي حَقِّ الْقَطْعِ تَبَعًا. وَلِأَبِي يُوسُف أَنَّهُ أَقَرَّ بِشَيْئَيْنِ:
فَإِقْرَارُهُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْحُرِّ كَإِقْرَارِ الْحُرِّ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَمَا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى الْإِقْرَارَ بِهِ عَلَى عَبْدِهِ فَالْعَبْدُ فِيهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْحُرِّ كَالطَّلَاقِ. وَقَوْلُهُ (ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى الْمَالِيَّةِ فَيَصِحُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ) يَعْنِي لَمَا صَحَّ إقْرَارُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ آدَمِيٌّ يَصِحُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالٌ أَيْضًا بِالسِّرَايَةِ إلَيْهَا لِأَنَّ آدَمِيَّتَهُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ مَالِيَّتِهِ. وَقَوْلُهُ (لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ (مِنْ الْأَضْرَارِ) لِأَنَّ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِاسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَةِ مِنْهُ فَوْقَ مَا يَلْحَقُ الْمَوْلَى (وَمِثْلُهُ مَقْبُولٌ عَلَى الْغَيْرِ) أَيْ وَمِثْلُ مَا كَانَ ضَرَرُ الْإِقْرَارِ فِيهِ سَارِيًا إلَى الْمُقِرِّ وَإِلَى الْغَيْرِ يُسْمَعُ عَلَى الْغَيْرِ أَيْضًا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِانْعِدَامِ تُهْمَةِ الْكَذِبِ فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ، كَمَا إذَا شَهِدَ الْوَاحِدُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَفِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ يَقْبَلُ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ كَمَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ الْحُرُّ الْمَدْيُونُ الْمُفْلِسُ إذَا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إبْطَالُ دُيُونِ الْغُرَمَاءِ.
وَقَوْلُهُ (وَلَا قَطْعَ عَلَى الْعَبْدِ فِي سَرِقَتِهِ) أَيْ فِي سَرِقَةِ مَالِ مَوْلَاهُ. وَقَوْلُهُ (يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمَالَ أَصْلٌ فِيهَا) إشَارَةٌ إلَى مَا مَهَّدْنَا مِنْ الْأَصْلِ. وَقَوْلُهُ (حَتَّى تُسْمَعَ فِيهِ الْخُصُومَةُ بِدُونِ الْقَطْعِ) مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَطْلُبُ مِنْهُ الْمَالَ دُونَ الْقَطْعِ وَيَثْبُتُ الْمَالُ دُونَهُ كَمَا إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَالَ وَلَا يُقْطَعُ (وَفِي عَكْسِهِ) بِأَنْ قَالَ أَطْلُبُ الْقَطْعَ دُونَ الْمَالِ (لَا تُسْمَعُ) الْخُصُومَةُ (وَلَا يَثْبُتُ) الْقَطْعُ دُونَ الْمَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute