للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَآخِرُهُ إلَى النَّفِيرِ الْعَامِّ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ عِنْدَ ذَلِكَ لَا يَتَحَصَّلُ إلَّا بِإِقَامَةِ الْكُلِّ فَيُفْتَرَضُ عَلَى الْكُلِّ (وَقِتَالُ الْكُفَّارِ وَاجِبٌ) وَإِنْ لَمْ يَبْدَءُوا لِلْعُمُومَاتِ

تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثَّنِيَّا فَكَانَ فِي مَجْمُوعِ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ (وَآخِرُهُ) وَهُوَ قَوْلُهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَيْهِمْ إلَى النَّفِيرِ الْعَامِّ. قَالَ (وَقِتَالُ الْكُفَّارِ) الَّذِينَ امْتَنَعُوا عَنْ الْإِسْلَامِ وَأَدَاءِ الْجِزْيَةِ (وَاجِبٌ وَإِنْ لَمْ يَبْدَءُوا بِالْقِتَالِ لِلْعُمُومَاتِ) الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ وَغَيْرُهَا. فَإِنْ قِيلَ الْعُمُومَاتُ مُعَارَضَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِتَالَ الْكُفَّارِ إنَّمَا يَجِبُ إذَا بَدَءُوا بِالْقِتَالِ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَبَيَانُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ مَأْمُورًا بِالصَّفْحِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ ثُمَّ أُمِرَ بِالدُّعَاءِ إلَى الدِّينِ بِالْمَوْعِظَةِ وَالْمُجَادَلَةِ بِالْأَحْسَنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ﴾ الْآيَةَ ثُمَّ أَذِنَ بِالْقِتَالِ إذَا كَانَتْ الْبُدَاءَةُ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ﴾ الْآيَةَ، وَبِقَوْلِهِ ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ﴾ ثُمَّ أُمِرَ بِالْقِتَالِ ابْتِدَاءً فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ الْآيَةَ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْبُدَاءَةِ بِالْقِتَالِ مُطْلَقًا فِي الْأَزْمَانِ كُلِّهَا وَفِي الْأَمَاكِنِ بِأَسْرِهَا فَقَالَ تَعَالَى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ الْآيَةَ ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ الْآيَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>