وَفِي الْعَقَارِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ فِي الْمَنِّ إبْطَالَ حَقِّ الْغَانِمِينَ أَوْ مِلْكِهِمْ فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ يُعَادَلُ، وَالْخَرَاجُ غَيْرُ مُعَادَلٍ لِقَتْلِهِ، بِخِلَافِ الرِّقَابِ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهُمْ رَأْسًا بِالْقَتْلِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ، وَلِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُمْ كَالْأُكْرَةِ الْعَامِلَةِ لِلْمُسْلِمِينَ الْعَالِمَةِ بِوُجُوهِ الزِّرَاعَةِ وَالْمُؤَنِ مُرْتَفِعَةٌ مَعَ مَا إنَّهُ يَحْظَى بِهِ الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدُ، وَالْخَرَاجُ وَإِنْ قَلَّ حَالًا فَقَدْ جَلَّ مَآلًا لِدَوَامِهِ، وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِالرِّقَابِ وَالْأَرَاضِيِ يَدْفَعُ إلَيْهِمْ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ بِقَدْرِ مَا يَتَهَيَّأُ لَهُمْ الْعَمَلُ لِيَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الْكَرَاهَةِ.
وَفِي الْعَقَارِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَنُّ فِيهِ. قَالَ (لِأَنَّ فِي الْمَنِّ إبْطَالَ حَقِّ الْغَانِمِينَ) عِنْدَكُمْ لِأَنَّ حَقَّهُمْ قَدْ ثَبَتَ وَتَأَكَّدَ بِالْإِحْرَازِ فَقَدْ صَارَ مُحْرَزًا بِفَتْحِ الْبَلْدَةِ وَإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِيهَا وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ ذَلِكَ (أَوْ مَلَكَهُمْ) يَعْنِي عِنْدِي، فَإِنَّ الْمِلْكَ قَدْ ثَبَتَ لَهُمْ بِنَفْسِ الْإِحْرَازِ (فَلَا يَجُوزُ) يَعْنِي إبْطَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَقِّ وَالْمِلْكِ (مِنْ غَيْرِ بَدَلٍ يُعَادِلُهُ) فَإِنْ قِيلَ: الْخَرَاجُ يُعَادِلُهُ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَالْخَرَاجُ غَيْرُ مُعَادِلٍ لِقَتْلِهِ) فَإِنْ قِيلَ: فَالْحَقُّ أَوْ الْمِلْكُ ثَبَتَ فِي رِقَابِهِمْ أَيْضًا وَجَازَ لَهُ أَنْ لَا يَقْسِمَهَا. أَجَابَ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ الرِّقَابِ) يَعْنِي أَنَّ حَقَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا (وَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهُمْ رَأْسًا بِالْقَتْلِ) فَكَذَا لَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ بِالْخَلْفِ وَهُوَ الْجِزْيَةُ، وَهَذَا لِأَنَّهَا خُلِقَتْ فِي الْأَصْلِ أَحْرَارًا وَالْمِلْكُ ثَبَتَ بِعَارِضٍ، فَالْإِمَامُ إذَا اسْتَرَقَّهُمْ فَقَدْ بَدَّلَ حُكْمَ الْأَصْلِ، فَإِذَا جَعَلَهُمْ أَحْرَارًا فَقَدْ بَقِيَ حُكْمُ الْأَصْلِ فَكَانَ جَائِزًا (وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا) يَعْنِي مِنْ فِعْلِ عُمَرَ ﵁. وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا) يَعْنِي أَنَّ تَصَرُّفَ الْإِمَامِ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فِي إقْرَارِ أَهْلِهَا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَوْ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ اشْتَغَلُوا بِالزِّرَاعَةِ وَقَعَدُوا عَنْ الْجِهَادِ فَكَانَ يَكُرُّ عَلَيْهِمْ الْعَدُوُّ، وَرُبَّمَا لَا يَهْتَدُونَ لِذَلِكَ الْعَمَلِ أَيْضًا، فَإِذَا تَرَكَهَا فِي أَيْدِيهِمْ وَهُمْ عَارِفُونَ بِالْعَمَلِ صَارُوا (كَالْأُكْرَةِ) أَيْ الْمُزَارِعِينَ (الْعَامِلَةِ لِلْمُسْلِمِينَ الْعَالِمَةِ بِوُجُوهِ الزِّرَاعَةِ وَالْمُؤَنُ مُرْتَفِعَةٌ مَعَ مَا أَنَّهُ يَحْظَى بِهِ الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدُ) كَانَ فِيهِ نَظَرٌ لَا مَحَالَةَ فَيَكُونُ جَائِزًا. قَوْلُهُ (وَالْخَرَاجُ وَإِنْ قَلَّ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَالْخَرَاجُ غَيْرُ مُعَادِلٍ لِقَتْلِهِ وَتَقْرِيرِهِ الْخَرَاجَ وَإِنْ قَلَّ (حَالًا) لِكَوْنِهِ بَعْضَ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَنَةٍ (فَقَدْ جَلَّ مَآلًا لِدَوَامِهِ) بِوُجُوبِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ) ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (لِيَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الْكَرَاهَةِ) مَعْنَاهُ مَا قَالَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ، فَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute