للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا ذُكِرَ الِاخْتِلَافُ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ. وَذَكَرُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ.

لَهُمَا أَنَّ الْمَالَ تَابِعٌ لِلنَّفْسِ، وَقَدْ صَارَتْ مَعْصُومَةً بِإِسْلَامِهِ فَيَتْبَعُهَا مَالُهُ فِيهَا.

وَلَوْ أَنَّهُ مَالٌ مُبَاحٌ فَيُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ وَالنَّفْسُ لَمْ تَصِرْ مَعْصُومَةً بِالْإِسْلَامِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُتَقَوِّمَةٍ

كَذَا ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ. وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ) وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ بِلَفْظٍ قَالَا، بَلْ لَيْسَ لِأَبِي يُوسُفَ فِيهِ ذِكْرٌ وَبَعْضُهَا وَقَعَ هَكَذَا، وَذَكَرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ أَيْضًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَبَعْضُهَا وَقَعَ هَكَذَا فَهُوَ فَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ فَيْئًا. قَالَ : كَذَا ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ، وَذَكَرُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُطَابِقُ لِرِوَايَةِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (لَهُمَا أَنَّ الْمَالَ تَابِعٌ لِلنَّفْسِ) لِكَوْنِهِ وِقَايَةً لَهَا (وَالنَّفْسُ صَارَتْ مَعْصُومَةً بِالْإِسْلَامِ فَيَبِعْهَا مَالَهُ فِيهَا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ) أَيْ الْمَالَ الَّذِي غَصَبَهُ الْمُسْلِمُ أَوْ الذِّمِّيُّ مِنْ الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ (مَالٌ مُبَاحٌ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا؛ أَمَّا حَقِيقَةً فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا حُكْمًا فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ نَائِبِهِ لِكَوْنِهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَهُوَ لَيْسَ بِنَائِبٍ. بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَكُلُّ مَالٍ مُبَاحٍ يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ بِلَا خِلَافٍ.

وَقَوْلُهُ (وَالنَّفْسُ لَمْ تَصِرْ مَعْصُومَةً بِإِسْلَامِهِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا وَقَدْ صَارَتْ مَعْصُومَةً بِإِسْلَامِهِ. وَتَقْرِيرُهُ: لَا نُسَلِّمُ صَارَتْ مَعْصُومَةً بِإِسْلَامِهِ (أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُتَقَوِّمَةٍ) حَتَّى لَا يَجِبَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ عَلَى قَاتِلِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ لَمْ تَكُنْ مَعْصُومَةً لَمَا كَانَتْ مُحَرَّمَ التَّعَرُّضِ كَالْحَرْبِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>