وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُصْرَفُ سَهْمُ الرَّسُولِ إلَى الْخَلِيفَةِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ (وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِالنُّصْرَةِ) لِمَا رَوَيْنَا.
قَالَ (وَبَعْدُ بِالْفَقْرِ) قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَصَمَهُ اللَّهُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: سَهْمُ الْفَقِيرِ مِنْهُمْ سَاقِطٌ أَيْضًا لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الصَّدَقَةِ نَظَرًا إلَى الْمَصْرِفِ فَيُحَرِّمُهُ كَمَا حَرَّمَ الْعِمَالَةَ.
وَجْهُ الْأَوَّلِ
صَفِيَّةَ مِنْ غَنَائِمِ خَيْبَرَ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁: يُصْرَفُ سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلَى الْخَلِيفَةِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ) أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِقُّهُ بِرِسَالَتِهِ (وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِالنُّصْرَةِ لِمَا رَوَيْنَا) أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَعْطَاهُمْ لِلنُّصْرَةِ. لَا يُقَالُ: قَوْلُهُ وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى وَقَعَ مُكَرَّرًا حُكْمًا وَتَعْلِيلًا. لِأَنَّا نَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا كَانَ فِي حَيِّزِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْقِسْمَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، وَهَذَا نَقْلٌ لِكَلَامِ صَاحِبِ الْقُدُورِيِّ. قَالَ: أَيْ الْقُدُورِيُّ (وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ زَمَنِهِ ﵊ (بِالْفَقْرِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَهَذَا) أَيْ اسْتِحْقَاقُهُمْ بِالْفَقْرِ (قَوْلُ الْكَرْخِيِّ: وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ سَهْمُ الْفَقِيرِ مِنْهُمْ سَاقِطٌ أَيْضًا لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْإِجْمَاعِ) يَعْنِي قَوْلَهُ: وَلَنَا أَنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ الرَّاشِدِينَ ﵃ قَسَمُوهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَلَا يُظَنُّ بِهِمْ أَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِمْ النَّصُّ أَوْ مَنَعُوا حَقَّ ذَوِي الْقُرْبَى فَكَانَ إجْمَاعُهُمْ دَالًّا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ اسْتِحْقَاقٌ لِأَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ. وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ ﵁ الْإِجْمَاعَ، وَسَنَدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ﵃ قَالَ: كَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ فِي الْخُمُسِ رَأْيَ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُخَالِفَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄ وَالْإِجْمَاعُ بِدُونِ أَهْلِ الْبَيْتِ لَا يَنْعَقِدُ. وَقُلْنَا: لَا يَحِلُّ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَتْرُكَ رَأْيَ نَفْسِهِ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ احْتِشَامًا لَهُ، فَإِنْ ثَبَتَ مَا رُوِيَ دَلَّ أَنَّهُ كَرِهَ الْمُخَالَفَةَ لِأَنَّهُ رَأَى الْحُجَّةَ مَعَهُمَا فَقَدْ خَالَفَهُمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ حِينَ ظَهَرَ الدَّلِيلُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى (مَعْنَى الصَّدَقَةِ) لِأَنَّ الْهَاشِمِيَّ الَّذِي يُصْرَفُ إلَيْهِ فَقِيرٌ، إذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَيْهِ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَصْحَابِنَا، فَلَمَّا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الصَّدَقَةِ حُرِمَ ذَوُو الْقُرْبَى إيَّاهُ كَمَا حُرِمَ الْهَاشِمِيُّ الْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ الْعِمَالَةُ وَهُوَ مَا يُعْطَى عَلَى عَمَلِهِ، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَهَذَا الدَّلِيلُ إنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْحَابِنَا فَهُوَ تَامٌّ، وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّافِعِيِّ ﵁ فَلَيْسَ بِذَاكَ، لِأَنَّ كَوْنَ الْمَصْرِفِ فَقِيرًا لَيْسَ إلَّا فِي حَيِّزِ النِّزَاعِ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ (وَجْهُ الْأَوَّلِ) يَعْنِي قَوْلَ الْكَرْخِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute