وَقِيلَ هُوَ الْأَصَحُّ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ ﵁ أَعْطَى الْفُقَرَاءَ مِنْهُمْ، وَالْإِجْمَاعُ انْعَقَدَ عَلَى سُقُوطِ حَقِّ الْأَغْنِيَاءِ، أَمَّا فُقَرَاؤُهُمْ فَيَدْخُلُونَ فِي الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ.
(وَإِذَا دَخَلَ الْوَاحِدُ أَوْ الِاثْنَانِ دَارَ الْحَرْبِ مُغِيرَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَأَخَذُوا شَيْئًا لَمْ يُخَمَّسْ) لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ هُوَ الْمَأْخُوذُ قَهْرًا وَغَلَبَةً لَا اخْتِلَاسًا وَسَرِقَةً، وَالْخُمُسُ وَظِيفَتُهَا، وَلَوْ دَخَلَ الْوَاحِدُ أَوْ الِاثْنَانِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ فَقَدْ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُمْ بِالْإِمْدَادِ فَصَارَ كَالْمَنَعَةِ (فَإِنْ دَخَلَتْ جَمَاعَةٌ لَهَا مَنَعَةٌ فَأَخَذُوا شَيْئًا خُمِّسَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ الْإِمَامُ) لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ قَهْرًا وَغَلَبَةً فَكَانَ غَنِيمَةً، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْصُرَهُمْ إذْ لَوْ خَذَلَهُمْ كَانَ فِيهِ وَهْنُ الْمُسْلِمِينَ، بِخِلَافِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نُصْرَتُهُمْ.
وَقِيلَ هُوَ الْأَصَحُّ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ ﵁ أَعْطَى الْفُقَرَاءَ مِنْهُمْ، وَالْإِجْمَاعُ انْعَقَدَ عَلَى سُقُوطِ حَقِّ الْأَغْنِيَاءِ) يَعْنِي إجْمَاعَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ الرَّاشِدِينَ كَمَا مَرَّ (أَمَّا فُقَرَاؤُهُمْ فَيَدْخُلُونَ فِي الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَحْثِ، وَكَرَّرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِلْإِيضَاحِ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَقِيلَ هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَبْسُوطِ اخْتَارَ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ أَنَّ الْفُقَرَاءَ لَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ، وَإِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصْرِفُ إلَيْهِمْ مُجَازَاةً عَلَى النُّصْرَةِ الَّتِي كَانَتْ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ ذَلِكَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُخْتَارُ الْقُدُورِيِّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ: وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِالنُّصْرَةِ.
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا دَخَلَ الْوَاحِدُ أَوْ الِاثْنَانِ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ) ظَاهِرٌ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ الْعَدَدَ الْيَسِيرَ إنَّمَا يَدْخُلُونَ لِاكْتِسَابِ الْمَالِ لَا لِإِعْزَازِ الدِّينِ، فَصَارَ كَتَاجِرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ. فَإِنْ قُلْت: قَوْله تَعَالَى ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ مُطْلَقٌ فَيَجِبُ الْخُمُسُ وُجِدَ الْإِذْنُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْغَنِيمَةَ اسْمٌ لِمَا هُوَ الْمَأْخُوذُ قَهْرًا وَغَلَبَةً وَمَا أَخَذَهُ اللِّصُّ سَرِقَةً وَمَا أَخَذَهُ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ خِلْسَةً فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْغَنِيمَةِ. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ لَهَا مَنَعَةٌ) الْمَنَعَةُ السَّرِيَّةُ. نَقَلَ النَّاطِفِيُّ عَنْ كِتَابِ الْخَرَاجِ لِابْنِ شُجَاعٍ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵁ يَقُولُ: إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ فَغَنِمَ وَلَا عَسْكَرَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا يُخَمَّسُ مَا أَخَذَهُ حَتَّى يَصِيرُوا تِسْعَةً، فَإِذَا بَلَغُوا ذَلِكَ فَهُمْ سَرِيَّةٌ (قَوْلُهُ إذَا لَوْ خَذَلَهُمْ) أَيْ تَرَكَ عَوْنَهُمْ (كَانَ فِيهِ وَهَنُ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ ضَعْفُهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute