للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالشَّعْرُ وَالْبَطْنُ وَالْفَخِذُ كَذَلِكَ) يَعْنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنَّمَا وَضَعَ غَسْلَهُ فِي الْجَنَابَةِ لِمَكَانِ الْحَرَجِ وَالْعَوْرَةُ الْغَلِيظَةُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ، وَالذَّكَرُ

بِأَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا بِمَسْحِ الرَّأْسِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ مَسْحَ كُلِّ الرَّأْسِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا حَتَّى يَقُومَ الرُّبْعُ مَقَامَهُ، بَلْ الْوَاجِبُ مِنْهُ بَعْضُ الرَّأْسِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الرَّأْسِ غَسْلُ كُلِّهِ كَمَا فِي غَسْلِ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ التَّطْهِيرَ الْمَقْصُودَ بِالْوُضُوءِ يَحْصُلُ بِهِ إلَّا أَنَّ الشَّارِعَ اكْتَفَى بِالْمَسْحِ عَنْ الْغَسْلِ، ثُمَّ اكْتَفَى بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ دَفْعًا لِلضَّرُورَةِ فَكَانَ الرُّبْعُ قَائِمًا مَقَامَ الْكُلِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقِيلَ هَذَا تَشْبِيهُ الْقَدْرِ بِالْقَدْرِ لَا تَشْبِيهُ الْوَاجِبِ بِالْوَاجِبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ «إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ» الْحَدِيثَ، فَإِنَّ فِيهِ تَشْبِيهَ الرُّؤْيَةِ بِالرُّؤْيَةِ لَا تَشْبِيهَ الْمَرْئِيِّ بِالْمَرْئِيِّ.

(وَالشَّعْرُ وَالْبَطْنُ وَالْفَخِذُ كَذَلِكَ: يَعْنِي عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ) أَيْ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَنَّ الرُّبْعَ مَانِعٌ أَوْ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ، قِيلَ وَجَعَلَ الشَّعْرَ مِنْ الْأَعْضَاءِ لِلتَّغْلِيبِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْآدَمِيِّ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ (وَالْمُرَادُ بِهِ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ) أَيْ الْمُسْتَرْسِلُ. وَقَوْلُهُ: (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ اخْتِيَارِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ، وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الشَّعْرِ مَا عَلَى الرَّأْسِ، وَأَمَّا الْمُسْتَرْسِلُ وَهُوَ مَا نَزَلَ إلَى أَسْفَلَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ فَفِي كَوْنِهِ عَوْرَةً رِوَايَتَانِ، وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَوْنَهُ عَوْرَةً احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ تَقْتَضِي أَنْ يَجُوزَ النَّظَرُ إلَى صُدْغِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَطَرَفِ نَاصِيَتِهَا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ، وَهُوَ أَمْرٌ يُؤَدِّي إلَى الْفِتْنَةِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي الْأَخْذِ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ.

وَقَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا وَضْعُ غَسْلِهِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: وَلَوْ كَانَ الشَّعْرُ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ عَوْرَةً لَكَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِنْ بَدَنِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ فِي الْجَنَابَةِ مَوْضُوعٌ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهَا كَذَلِكَ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ سُقُوطَ غَسْلِهِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَدَنِهَا بَلْ هُوَ مِنْ بَدَنِهَا خِلْقَةً لِاتِّصَالِهِ بِهِ، وَلَكِنْ سَقَطَ غَسْلُهُ (لِمَكَانِ الْحَرَجِ وَالْعَوْرَةُ الْغَلِيظَةُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ) يَعْنِي الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>