يُعْتَبَرُ بِانْفِرَادِهِ وَكَذَا الْأُنْثَيَانِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ دُونَ الضَّمِّ.
(وَمَا كَانَ عَوْرَةً مِنْ الرَّجُلِ فَهُوَ عَوْرَةٌ مِنْ الْأَمَةِ، وَبَطْنُهَا وَظَهْرُهَا عَوْرَةٌ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ بَدَنِهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) لِقَوْلِ عُمَرَ ﵁: أَلْقِي عَنْك الْخِمَارَ يَا دَفَارُ أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ،
انْكِشَافِ الرُّبْعِ أَوْ النِّصْفِ، وَالْعَوْرَةُ الْغَلِيظَةُ هِيَ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ وَهَذَا التَّقْسِيمُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى اخْتِيَارِ الْكَرْخِيِّ حَيْثُ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي السَّوْأَتَيْنِ قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ الرُّبْعُ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَوْرَةَ نَوْعَانِ غَلِيظَةٌ وَخَفِيفَةٌ كَالنَّجَاسَةِ، ثُمَّ فِي النَّجَاسَةِ الْغَلِيظَةِ يُعْتَبَرُ الدِّرْهَمُ، وَفِي الْخَفِيفَةِ الرُّبْعُ، فَكَذَا فِي الْعَوْرَةِ، وَأَمَّا عَلَى اخْتِيَارِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَقْسِيمِهَا إذْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يُعْتَبَرُ انْكِشَافُ الرُّبْعِ مَانِعًا عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ عُضْوًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْكَرْخِيُّ وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ التَّغْلِيظَ فِي الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ خُفِّفَ؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ فِي الدُّبُرِ قَدْرَ الدِّرْهَمِ وَهُوَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الدُّبُرِ مَكْشُوفًا وَهُوَ تَنَاقُضٌ، وَالذَّكَرُ يُعْتَبَرُ بِانْفِرَادِهِ عُضْوًا يَمْنَعُ انْكِشَافَ رُبْعِهِ جَوَازَ الصَّلَاةِ، وَكَذَا الْأُنْثَيَانِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ دُونَ الضَّمِّ كَمَا فِي الدِّيَةِ احْتِيَاطًا، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ إنَّ الْخُصْيَتَيْنِ مَعَ الذَّكَرِ عُضْوًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُمَا تَبَعٌ لِلذَّكَرِ فَيُعْتَبَرُ رُبْعُ الْمَجْمُوعِ عِنْدَهُمَا. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ عَنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ فَكَانَ الْخِلَافُ فِي هَذَا كَالْخِلَافِ فِي قَلِيلِ النَّجَاسَةِ.
قَالَ (وَمَا كَانَ عَوْرَةً مِنْ الرَّجُلِ فَهُوَ عَوْرَةٌ مِنْ الْأَمَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: وَمَنْ كَانَ فِي رَقَبَتِهَا شَيْءٌ مِنْ الرِّقِّ فَهِيَ فِي مَعْنَى الْأَمَةِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَوْرَةِ فِي الْإِنَاثِ أَغْلَظُ، فَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ مِنْ الرَّجُلِ عَوْرَةً فَمِنْ الْأُنْثَى أَوْلَى (وَظَهْرُهَا وَبَطْنُهَا عَوْرَةٌ)؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ (وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ بَدَنِهَا فَلَيْسَ بِعَوْرَةٍ لِقَوْلِ عُمَرَ ﵁: أَلْقِي عَنْك الْخِمَارَ يَا دَفَارِ أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ) حِينَ رَأَى جَارِيَةً مُتَقَنِّعَةً فَعَلَاهَا: أَيْ ضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ. وَقَوْلُهُ: (يَا دَفَارِ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ يَا مُنْتِنَةَ. وَرُوِيَ أَنَّ جَوَارِيَهُ كَانَتْ تَخْدُمُ الضِّيفَانَ مَكْشُوفَاتِ الرُّءُوسِ مُضْطَرِبَاتِ الثَّدْيَيْنِ. وَالْمَهْنَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute