(وَإِذَا لَمْ يَجْعَلْ السَّلْبَ لِلْقَاتِلِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ، وَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: السَّلْبُ لِلْقَاتِلِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يُسْهِمَ لَهُ وَقَدْ قَتَلَهُ مُقْبِلًا لِقَوْلِهِ ﵊ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَصْبُ شَرْعٍ لِأَنَّهُ بَعَثَهُ لَهُ، وَلِأَنَّ الْقَاتِلَ مُقْبِلًا أَكْثَرَ غِنَاءً فَيَخْتَصُّ بِسَلَبِهِ إظْهَارًا لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ. وَلَنَا أَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِقُوَّةِ الْجَيْشِ فَيَكُونُ غَنِيمَةً فَيُقَسِّمُ الْغَنَائِمَ كَمَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ. وَقَالَ ﵊ لِحَبِيبِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ «لَيْسَ لَك مِنْ سَلَبِ قَتِيلِك إلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِك» وَمَا رَوَاهُ يَحْتَمِلُ نَصْبَ الشَّرْعِ وَيَحْتَمِلُ التَّنْفِيلَ فَنَحْمِلُهُ عَلَى الثَّانِي لِمَا رَوَيْنَاهُ.
وَقَوْلُهُ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (وَمَا رَوَاهُ يَحْتَمِلُ نَصْبَ الشَّرِّ وَيَحْتَمِلُ التَّنْفِيلَ) قِيلَ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ نَصْبَ الشَّرْعِ إذَا قَالَ بِالْمَدِينَةِ فِي مَسْجِده وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ ذَلِكَ إلَّا يَوْمَ بَدْرٍ وَحُنَيْنٍ لِلْحَاجَةِ إلَى التَّحْرِيضِ، وَكَمَا قَالَ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَدْ قَالَ «مَنْ أَخَذَ أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ» ثُمَّ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّنْفِيلِ فَكَذَلِكَ فِي السَّلَبِ (فَيُحْمَلُ عَلَى الثَّانِي) يَعْنِي عَلَى التَّنْفِيلِ (لِمَا رَوَيْنَا) مِنْ حَدِيثِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ دَفْعًا لِلتَّعَارُضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute