يَعْتَمِدُ الْوِلَايَةَ وَلَا وِلَايَةَ وَقْتَ الْإِدَانَةِ أَصْلًا وَلَا وَقْتَ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِيمَا مَضَى مِنْ أَفْعَالِهِ وَإِنَّمَا الْتَزَمَ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَأَمَّا الْغَصْبُ فَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلَّذِي غَصَبَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ لِمُصَادَفَتِهِ مَالًا غَيْرَ مَعْصُومٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ فَعَلَا ذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَا مُسْتَأْمَنَيْنِ لِمَا قُلْنَا (وَلَوْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ قُضِيَ بِالدَّيْنِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُقْضَ بِالْغَصْبِ) أَمَّا الْمُدَايَنَةُ فَلِأَنَّهَا وَقَعَتْ صَحِيحَةً لِوُقُوعِهَا بِالتَّرَاضِي، وَالْوِلَايَةُ ثَابِتَةٌ حَالَةَ الْقَضَاءِ لِالْتِزَامِهِمَا الْأَحْكَامَ بِالْإِسْلَامِ. وَأَمَّا الْغَصْبُ فَلِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَا خُبْثَ
قَوْلُهُ وَلَا وِلَايَةَ وَقْتَ الْإِدَانَةِ أَصْلًا) أَيْ لَا عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا عَلَى الْحَرْبِيِّ (وَلَا وَقْتَ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَإِذَا لَمْ يَقْضِ عَلَى الْحَرْبِيِّ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَيْضًا تَحْقِيقًا لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا. وَقَوْلُهُ (وَأَمَّا الْغَصْبُ فَلِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلَّذِي غَصَبَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْغَاصِبُ كَافِرًا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ مُسْلِمًا مُسْتَأْمَنًا فِيهَا لِأَنَّ مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ مُبَاحًا وَقْتَ الْغَصْبِ فِي حَقِّهِ فَمَلَكَهُ بِالْغَصْبِ، إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ يُفْتَى بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ دَارَهُمْ بِأَمَانٍ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَغْدِرَ بِهِمْ، وَفِي أَخْذِ أَمْوَالِهِمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَدْرٌ. وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا بَيَّنَّا) يَعْنِي فِيمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا غَصْبُ الْكَافِرِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَاءِ بِقَوْلِهِ إنَّ الِاسْتِيلَاءَ وَرَدَ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ، وَأَمَّا غَصْبُ الْمُسْلِمِ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ مُغِيرَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَأَخَذُوا شَيْئًا فَإِنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ. وَقَوْلُهُ (لِمَا قُلْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ مِنْ قَبْلُ إنَّ الْقَضَاءَ يَعْتَمِدُ الْوِلَايَةَ إلَخْ. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ) ظَاهِرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute