فِي مِلْكِ الْحَرْبِيِّ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالرَّدِّ.
(وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَغَصَبَ حَرْبِيًّا ثُمَّ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ أُمِرَ بِرَدِّ الْغَصْبِ وَلَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ) أَمَّا عَدَمُ الْقَضَاءِ فَلِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ مَلَكَهُ، وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالرَّدِّ وَمُرَادُهُ الْفَتْوَى بِهِ فَلِأَنَّهُ فَسَدَ الْمِلْكُ لِمَا يُقَارِنُهُ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ نَقْصُ الْعَهْدِ
(وَإِذَا دَخَلَ مُسْلِمَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَإِ) أَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ، وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلِأَنَّ الْعِصْمَةَ الثَّابِتَةَ بِالْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَا تَبْطُلُ بِعَارِضِ الدُّخُولِ بِالْأَمَانِ، وَإِنَّمَا لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ إلَّا بِمَنَعَةٍ، وَلَا مَنَعَةَ دُونَ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ،
وَقَوْلُهُ (فَغَصَبَ حَرْبِيًّا) أَيْ غَصَبَ شَيْئًا مِنْ حَرْبِيٍّ وَلَيْسَ هَذَا مُنْحَصِرًا فِي خُرُوجِهِمَا مُسْلِمَيْنِ، بَلْ لَوْ خَرَجَ الْمُسْلِمُ الْغَاصِبُ وَالْحَرْبِيُّ مُسْتَأْمَنًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ (فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ) يَعْنِي فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ فِي عَامَّةِ النُّسَخِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهُ قَتَلَ شَخْصًا مَعْصُومًا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ فَيَجِبُ بِقَتْلِهِ مَا يَجِبُ بِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵁ أَنَّ تَكْثِيرَ سَوَادِهِمْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِتَوَطُّنِهِ فِيهِمْ كَانَ يُسْقِطُ الْعِصْمَةَ، فَتَكْثِيرُهُ مِنْ وَجْهٍ يُورِثُ الشُّبْهَةَ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ. وَقَوْلُهُ (أَمَّا الْكَفَّارَةُ فَلِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ (وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلِأَنَّ الْعِصْمَةَ الثَّابِتَةَ بِالْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَا تَبْطُلُ بِعَارِضِ الدُّخُولِ بِالْأَمَانِ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ كَانَ كَأَنَّهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ تَقْدِيرًا حَتَّى أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ مِنْهُمْ لَمَّا كَانَ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى لَا يُقْتَلَ الذِّمِّيُّ بِهِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لِمَا ذُكِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute