قَالَ: (وَتُوضَعُ الْجِزْيَةُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ الْآيَةَ، «وَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْجِزْيَةَ عَلَى الْمَجُوسِ». قَالَ: (وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَجَمِ) وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ. هُوَ يَقُولُ: إنَّ الْقِتَالَ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ﴾ إلَّا أَنَّا عَرَفْنَا جَوَازَ تَرْكِهِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ وَفِي حَقِّ الْمَجُوسِ بِالْخَبَرِ فَبَقِيَ مَنْ وَرَاءَهُمْ عَلَى الْأَصْلِ. وَلَنَا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ فَيَجُوزُ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَشْتَمِلُ عَلَى سَلْبِ النَّفْسِ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَكْتَسِبُ وَيُؤَدِّي إلَى الْمُسْلِمِينَ وَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ،
قَالَ (وَتُوضَعُ الْجِزْيَةُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ) سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ الْعَرَبِ أَوْ مِنْ الْعَجَمِ (لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ وَعَلَى الْمَجُوسِ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَضَعَ الْجِزْيَةَ عَلَى الْمَجُوسِ» رَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّ عُمَرَ ﵁ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِنْ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ» وَهَجَرُ اسْمُ بَلَدٍ فِي الْبَحْرَيْنِ (وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَجَمِ) وَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْعَجَمِ احْتِرَازًا عَنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ فَإِنَّهُ لَا تُوضَعُ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ (وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ ﵀) وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ (وَلَنَا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ) وَكُلُّ مَنْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ يَجُوزُ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ (لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَشْتَمِلُ عَلَى سَلْبِ النَّفْسِ مِنْهُمْ) أَمَّا الِاسْتِرْقَاقُ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ نَفْعَ الرَّقِيقِ يَعُودُ إلَيْنَا جُمْلَةً، وَأَمَّا الْجِزْيَةُ فَلِأَنَّ الْكَافِرَ يُؤَدِّيهَا مِنْ كَسْبِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ نَفَقَتَهُ فِي كَسْبِهِ فَكَانَ إذًا كَسْبُهُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ حَيَاتِهِ إلَى الْمُسْلِمِينَ دَارَّةً رَاتِبَةً فِي مَعْنَى أَخْذِ النَّفْسِ مِنْهُ حُكْمًا. وَنُوقِضَ بِأَنَّ مَنْ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute