وَلَهُمْ فِي الرِّدَّةِ أَنَّهَا مَضَرَّةٌ مَحْضَةٌ، بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ أَعْلَى الْمَنَافِعِ عَلَى مَا مَرَّ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فِيهَا أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ حَقِيقَةً، وَلَا مَرَدَّ لِلْحَقِيقَةِ
عَنْ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَحْكَامًا تَشُوبُهَا الْمَضَرَّةُ. وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ إسْلَامُهُ بِنَفْسِهِ وَقَعَ فَرْضًا لِأَنَّهُ لَا نَفْلَ فِي الْإِيمَانِ وَمِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ فَرْضًا أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبًا بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَصْحِيحُهُ فَرْضًا لَمْ يَصِحَّ، بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّهُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ. وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ فَرْضًا أَنْ يَكُونَ مُخَاطَبًا. فَإِنَّ الْمُسَافِرَ إذَا حَضَرَ الْجُمُعَةَ وَصَلَّى وَقَعَ فَرْضًا وَلَيْسَ بِمُخَاطَبٍ بِهِ، وَمَنْ صَلَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَعَ فَرْضًا وَهُوَ لَيْسَ بِمُخَاطَبٍ بِهِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمَا إنَّهُ تَبَعٌ لِأَبَوَيْهِ فِيهِ فَلَا يُجْعَلُ أَصْلًا أَنَّ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ مُؤَيَّدَةٌ بِالْأُخْرَى فَلَا يَكُونَانِ مُتَنَافِيَيْنِ، وَذَلِكَ كَالْجُنْدِيِّ إذَا سَافَرَ مَعَ السُّلْطَانِ وَنَوَى السَّفَرَ فَهُوَ مُسَافِرٌ بِنِيَّةٍ مَقْصُودَةٍ وَتَبَعًا لِلسُّلْطَانِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَلَهُمْ) أَيْ لِأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ ﵏.
وَقَوْلُهُ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِيهَا) أَيْ فِي الرِّدَّةِ (أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ حَقِيقَةً وَلَا مَرَدَّ لِلْحَقِيقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute