للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا قُلْنَا فِي الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْعِ لَهُ، وَلَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ، وَالْعُقُوبَاتُ مَوْضُوعَةٌ عَنْ الصِّبْيَانِ مَرْحَمَةً عَلَيْهِمْ. وَهَذَا فِي الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ.

كَمَا قُلْنَا فِي الْإِسْلَامِ) فَإِنَّ رَدَّ الرِّدَّةِ يَكُونُ بِالْعَفْوِ عَنْهَا وَذَلِكَ قَبِيحٌ، كَمَا أَنَّ رَدَّ الْإِسْلَامِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْحَجْرِ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا اعْتِبَارُ مَا هُوَ مَضَرَّةٌ مَحْضَةٌ بِمَا هُوَ مَنْفَعَةٌ مَحْضَةٌ وَذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ بِالْقِيَاسِ، وَفَرَّقَ الشَّارِعُ بَيْنَهُمَا، وَمِثْلُهُ فَاسِدٌ فِي الْوَضْعِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا قِيَاسٌ مِنَّا بِوُجُودِ شَيْءٍ وَتَحَقُّقِهِ بِوُجُودِ شَيْءٍ آخَرَ وَتَحَقُّقِهِ فِي عَدَمِ جَوَازِ الرَّدِّ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّارِعَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.

وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ) هَذَا جَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ وَفِي الْقِيَاسِ يُقْتَلُ لِرِدَّتِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَالْعُقُوبَاتُ مَوْضُوعَةٌ عَنْ الصِّبْيَانِ مَرْحَمَةٌ عَلَيْهِمْ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ عُقُوبَةَ الْقَتْلِ عَنْ الصَّبِيِّ الْمُرْتَدِّ مَرْحَمَةً لِصِبَاهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَهُوَ لَمْ يَرْحَمْ عَلَيْهِ حَتَّى عَاقَبَهُ فِي النَّارِ مُخَلَّدًا كَسَائِرِ الْكُفَّارِ، وَذَلِكَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْأَسْرَارِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْإِمَامِ التُّمُرْتَاشِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>