وَلِأَنَّهُ مُسْلِمٌ عَاجِزٌ عَنْ التَّكَسُّبِ، وَلَا مَالَ لَهُ وَلَا قَرَابَةَ فَأَشْبَهَ الْمُقْعَدَ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا قَرَابَةَ؛ وَلِأَنَّ مِيرَاثَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَلِهَذَا كَانَتْ جِنَايَتُهُ فِيهِ. وَالْمُلْتَقِطُ مُتَبَرِّعٌ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ؛ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي بِهِ لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْوِلَايَةِ.
قَالَ (فَإِنْ الْتَقَطَهُ رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ)؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حَقُّ الْحِفْظِ لَهُ لِسَبْقِ يَدِهِ (فَإِنْ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّهُ ابْنُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ).
وَقَوْلُهُ (وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ) أَيْ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ، كَغَلَّةِ الْعَبْدِ الْمَعِيبِ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ قَبْلَ الرَّدِّ فِي ضَمَانِهِ، يُقَالُ خَرَاجُ غُلَامِهِ: إذَا اتَّفَقَا عَلَى ضَرِيبَةٍ يُؤَدِّيهَا عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ.
وَقَوْلُهُ (فِيهِ) أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَيُقَالُ بَرَعَ الرَّجُلُ وَبَرُعَ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: إذَا فَضُلَ عَلَى أَقْرَانِهِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْمُتَفَضِّلِ الْمُتَبَرِّعُ.
وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْوِلَايَةِ) فِي قَوْلِهِ لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ دَيْنًا إذَا قَالَ ذَلِكَ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: مُجَرَّدُ أَمْرِ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ يَكْفِي، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ، لِأَنَّ أَمْرَ الْقَاضِي نَافِذٌ عَلَيْهِ كَأَمْرِهِ بِنَفْسِهِ أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ كَانَ مَا يُنْفِقُ دَيْنًا عَلَيْهِ، فَكَذَا إذَا أَمَرَهُ الْقَاضِي. وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا يَرْجِعَ مَا لَمْ يَقُلْ الْقَاضِي ذَلِكَ لِأَنَّ مُطْلَقَهُ مُحْتَمَلٌ قَدْ يَكُونُ لِلْحَثِّ وَالتَّرْغِيبِ فِي إتْمَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute