للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعْنَاهُ: إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُلْتَقِطُ نَسَبَهُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الْمُلْتَقِطِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إقْرَارٌ لِلصَّبِيِّ بِمَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَشَرَّفُ بِالنَّسَبِ وَيُعَيَّرُ بِعَدَمِهِ. ثُمَّ قِيلَ يَصِحُّ فِي حَقِّهِ دُونَ إبْطَالِ يَدِ الْمُلْتَقِطِ. وَقِيلَ يُبْتَنَى عَلَيْهِ بُطْلَانُ يَدِهِ، وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ قِيلَ يَصِحُّ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَقَدْ عُرِفَ فِي الْأَصْلِ.

(وَإِنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ وَوَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ

مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ، وَإِنَّمَا يَزُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ إذَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ (مَعْنَاهُ: إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُلْتَقِطُ نَسَبَهُ) يَعْنِي إذَا ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ وَرَجُلٌ آخَرُ فَالْمُلْتَقِطُ أَوْلَى لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الدَّعْوَى وَلِأَحَدِهِمَا يَدٌ فَكَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى.

وَقَوْلُهُ (ثُمَّ قِيلَ يَصِحُّ فِي حَقِّهِ) أَيْ فِي حَقِّ النَّسَبِ، وَقِيلَ يُبْتَنَى عَلَيْهِ بُطْلَانُ يَدِهِ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَقَّ بِحِفْظِ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ (وَلَوْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ وَلَوْ ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ نَسَبَ اللَّقِيطِ وَقَالَ هُوَ ابْنِي بَعْدَمَا قَالَ إنَّهُ لَقِيطٌ، قِيلَ يَصِحُّ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْطُلْ بِدَعْوَاهُ حَقُّ أَحَدٍ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِي ذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ) أَيْ عَلَى اخْتِلَافِ حُكْمِ الْقِيَاسِ مَعَ حُكْمِ الِاسْتِحْسَانِ: يَعْنِي فِي الْقِيَاسِ لَا يَصِحُّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ كَمَا فِي دَعْوَى غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ، لَكِنَّ وَجْهَ الْقِيَاسِ هَاهُنَا غَيْرُ وَجْهِ الْقِيَاسِ فِي دَعْوَى غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ.

وَوَجْهُ الْقِيَاسِ فِي دَعْوَى غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ هُوَ تَضَمُّنُ إبْطَالِ حَقِّ الْمُلْتَقِطِ فَلِذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ. وَوَجْهُ الْقِيَاسِ فِي دَعْوَى الْمُلْتَقِطِ هُوَ تَنَاقُضُ كَلَامِهِ بِأَنَّهُ لَمَّا زَعَمَ أَنَّهُ لَقِيطٌ كَانَ نَافِيًا نَسَبَهُ لِأَنَّ ابْنَهُ لَا يَكُونُ لَقِيطًا فِي يَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ فَكَانَ مُنَاقِضًا. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَهُ فَهُوَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ يَكْتَسِبُ لَهُ مَا يَنْفَعُهُ، وَبِالِالْتِقَاطِ يَثْبُتُ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ.

وَقَوْلُهُ (إنَّهُ مُتَنَاقِضٌ) قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنْ فِيمَا طَرِيقُهُ الْخَفَاءُ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى النَّاسِ حَالُ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَقِيطٌ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ وَلَدُهُ، وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ النَّسَبِ كَالْمُلَاعِنِ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ

(وَإِنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ وَوَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>