للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهُوَ أَوْلَى بِهِ)؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ لِمُوَافَقَةِ الْعَلَامَةِ كَلَامَهُ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فَهُوَ ابْنُهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ. وَلَوْ سَبَقَتْ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ ابْنُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي زَمَانٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ إلَّا إذَا أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَقْوَى.

(وَإِذَا وُجِدَ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهُمْ فَادَّعَى ذِمِّيٌّ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ

فَهُوَ أَوْلَى بِهِ) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدْفَعَ اللَّقِيطَ إلَى الَّذِي وَصَفَ عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ وَأَصَابَ فِي وَصْفِهِ لِأَنَّ الْوَاصِفَ أَوْلَى بِذَلِكَ اللَّقِيطِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ فَإِنَّ اللُّقَطَةَ إذَا تَنَازَعَ فِيهِ اثْنَانِ وَوَصَفَ أَحَدُهُمَا وَأَصَابَ وَلَمْ يَصِفْ الْآخَرُ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لِصَاحِبِ الْوَصْفِ، بَلْ إذَا انْفَرَدَ الْوَاصِفُ يَحِلُّ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ وَهَاهُنَا يَلْزَمُ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ الْإِصَابَةَ بِوَصْفِ أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَصَابَ لِأَنَّهُ لَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَصَابَ لِأَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ غَيْرِهِ، وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْغَيْرِ لَكِنَّهُ يَصْلُحُ مُرَجِّحًا لِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَالْيَدِ فِي دَعْوَى النِّتَاجِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ فِي فَصْلِ اللَّقِيطِ: قَدْ وُجِدَ مَا هُوَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ الدَّعْوَةُ لِأَنَّهَا سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي حَقِّ اللَّقِيطِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِدَعْوَى اللَّقِيطِ قَضَى لَهُ بِهِ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَيُعْتَبَرُ الْوَصْفُ لِيَتَرَجَّحَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ، وَأَمَّا فِي اللُّقَطَةِ فَالدَّعْوَى لَيْسَتْ بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى يَتَرَجَّحَ بِالْوَصْفِ، فَلَوْ اُعْتُبِرَ الْوَصْفُ اُعْتُبِرَ لِأَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْوَصْفُ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لَهُ فَافْتَرَقَا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وُجِدَ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ) عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ ظَاهِرٌ.

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاصِلِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَجِدَهُ مُسْلِمٌ فِي مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ كَالْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ مَحْكُومًا لَهُ بِالْإِسْلَامِ. وَالثَّانِي أَنْ يَجِدَهُ كَافِرٌ فِي مَكَانِ أَهْلِ الْكُفْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>