للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، فَاشْتِرَاطُهُ الْبَعْضَ أَوْ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ يُبْطِلُهُ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَتَحَقَّقُ فَصَارَ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفِّذَةِ، وَشَرْطَ بَعْضِ بُقْعَةِ الْمَسْجِدِ لِنَفْسِهِ.

وَلِأَبِي يُوسُفَ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ صَدَقَتِهِ» وَالْمُرَادُ مِنْهَا صَدَقَتُهُ الْمَوْقُوفَةُ، وَلَا يَحِلُّ الْأَكْلُ مِنْهَا إلَّا بِالشَّرْطِ، فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ، وَلِأَنَّ الْوَقْفَ إزَالَةُ الْمِلْكِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، فَإِذَا شَرَطَ الْبَعْضَ أَوْ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، فَقَدْ جَعَلَ مَا صَارَ مَمْلُوكًا لِلَّهِ تَعَالَى لِنَفْسِهِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُ مِلْكَ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَهَذَا جَائِزٌ،

لِنَفْسِهِ يُبْطِلُهُ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَتَحَقَّقُ فَصَارَ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ قَدْرًا مِنْ مَالِهِ لِلْفَقِيرِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ لَهُ وَشَرْطِ بَعْضِ بُقْعَةِ الْمَسْجِدِ لِنَفْسِهِ، فَقَوْلُهُ وَشَرْطِ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَجْعَلَ بَعْضَ الْمَسْجِدِ لِنَفْسِهِ كَانَ مَانِعًا عَنْ الْجَوَازِ فِي الْكُلِّ، فَكَذَا إذَا جَعَلَ بَعْضَ الْغَلَّةِ لِنَفْسِهِ.

وَقَوْلُهُ (وَلِأَبِي يُوسُفَ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ صَدَقَتِهِ») ذَكَرَ الْحَدِيثَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ الْمَوْقُوفَةُ، وَلَا يَحِلُّ الْأَكْلُ مِنْهُ إلَّا بِالشَّرْطِ بِالْإِجْمَاعِ فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ. وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ) إشَارَةٌ إلَى مَا ذُكِرَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَتِمُّ الْوَقْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ حَتَّى يَجْعَلَ آخِرَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا بِقَوْلِهِ لَهُمَا إنَّ مُوجَبَ الْوَقْفِ زَوَالُ الْمِلْكِ بِدُونِ التَّمْلِيكِ، وَإِلَى قَوْلِهِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>