للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِطَرِيقِهِ وَيَأْذَنَ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِذَا صَلَّى فِيهِ وَاحِدٌ زَالَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ مِلْكِهِ) أَمَّا الْإِفْرَازُ فَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ لِلَّهِ تَعَالَى إلَّا بِهِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِيهِ فَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَيُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ نَوْعِهِ، وَذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ الْقَبْضُ فَقَامَ تَحَقُّقُ الْمَقْصُودِ مَقَامَهُ ثُمَّ يُكْتَفَى بِصَلَاةِ الْوَاحِدِ فِيهِ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْجِنْسِ مُتَعَذِّرٌ فَيُشْتَرَطُ أَدْنَاهُ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الصَّلَاةُ بِالْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ لِذَلِكَ فِي الْغَالِبِ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَزُولُ مِلْكُهُ بِقَوْلِهِ جَعَلْته مَسْجِدًا) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِمِلْكِ الْعَبْدِ فَيَصِيرُ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى

وَأَمَّا إذَا قَالَ جَعَلْت أَرْضِي مَسْجِدًا فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُوجِبُ الْبَقَاءَ عَلَى مِلْكِهِ، فَلَوْ أَزَالَهُ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَمَا لَوْ أَزَالَهُ بِالْإِعْتَاقِ، وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الصَّلَاةُ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا، وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ جَهْرِيَّةً بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، حَتَّى لَوْ صَلَّى جَمَاعَةٌ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ سِرًّا لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، فَإِنْ أَذَّنَ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَأَقَامَ وَصَلَّى وَحْدَهُ صَارَ مَسْجِدًا بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ صَلَاتَهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>