للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ وَعَنْهُ «أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ». وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ بِالْعَقْدِ، فَهَذَا يُطَالِبُهُ بِهِ فِي قَرِيبِ الْمُدَّةِ، وَهَذَا يُسَلِّمُهُ فِي بِعِيدِهَا.

قَالَ (وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ كَانَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ)؛ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ، وَفِيهِ التَّحَرِّي لِلْجَوَازِ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ

فِيهَا الْبَاءُ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بِكُرِّ حِنْطَةٍ وَقَدْ وَصَفَهَا كَانَتْ ثَمَنًا، وَإِنْ دَخَلَتْ فِي غَيْرِهَا كَأَنْ يُقَالَ: اشْتَرَيْت الْكُرَّ بِهَذَا الْعَبْدِ كَانَ مَبِيعًا وَلَا يَصِحُّ إلَّا سَلَمًا بِشُرُوطِهِ. هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَقُولُ: الْأَعْيَانُ ثَلَاثَةٌ: نُقُودٌ أَعْنِي الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ، وَسِلَعٌ كَالثِّيَابِ وَالدُّورِ وَالْعَبِيدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمُقَدَّرَاتٌ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ، وَبَيْعُ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ بِالنَّقْدَيْنِ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَبِيعِ الْمَحْضِ وَالثَّمَنِ الْمَحْضِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ كَوْنِهِ مَبِيعًا وَثَمَنًا، وَالتَّمْيِيزُ فِي اللَّفْظِ بِدُخُولِ الْبَاءِ وَعَدَمِهِ قَالَ (وَالْبَيْعُ بِالثَّمَنِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ جَائِزٌ) لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ وَلِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» لَكِنْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى مَا يَمْنَعُ الْوَاجِبَ بِالْعَقْدِ وَهُوَ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ، فَرُبَّمَا يُطَالَبُ الْبَائِعُ فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ وَالْمُشْتَرِي يُؤَخِّرُ إلَى بَعِيدِهَا.

قَالَ (وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ كَانَ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) وَمَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ عَنْ ذِكْرِ الصِّفَةِ دُونَ الْقَدْرِ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقُلْ بُخَارِيًّا أَوْ سَمَرْقَنْدِيًّا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَحَدَهَا. وَاعْلَمْ أَنِّي أَذْكُرُ لَك فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْأَقْسَامَ الْعَقْلِيَّةَ الْمُتَصَوَّرَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إجْمَالًا ثُمَّ أَنْزِلْهَا عَلَى مَتْنِ الْكِتَابِ حَلًّا لَهُ، فَإِنِّي مَا وَجَدْت مِنْ الشَّارِحِينَ مَنْ تَصَدَّى لِذَلِكَ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَأَقُولُ: إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ، أَوْ فِي الْمَالِيَّةِ دُونَ الرَّوَاجِ، أَوْ فِي الرَّوَاجِ دُونَ الْمَالِيَّةِ، أَوْ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>