(فَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَحَدُهُمَا) وَهَذَا إذَا كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ سَوَاءً؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ إلَّا أَنْ تَرْتَفِعَ الْجَهَالَةُ بِالْبَيَانِ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَغْلَبَ وَأَرْوَجَ فَحِينَئِذٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْمَالِيَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ سَوَاءً فِيهَا كَالثُّنَائِيِّ وَالثُّلَاثِيِّ وَالنُّصْرُتِيِّ الْيَوْمَ بِسَمَرْقَنْدَ وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعَدَالِيِّ بِفَرْغَانَةَ جَازَ الْبَيْعُ إذَا أُطْلِقَ اسْمُ الدِّرْهَمِ، كَذَا قَالُوا، وَيَنْصَرِفُ إلَى مَا قَدَّرَ بِهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَازَعَةَ وَلَا اخْتِلَافَ فِي الْمَالِيَّةِ.
مِنْهُمَا بَلْ فِي مُجَرَّدِ الِاسْمِ كَالْمِصْرِيِّ وَالدِّمَشْقِيِّ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَازَ الْبَيْعُ وَانْصَرَفَ إلَى الْأَرْوَجِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمُنَازَعَةِ تُوقِعُهُمَا فِي الْمُنَازَعَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ يَجُوزُ وَيَتَصَرَّفُ إلَى الْأَرْوَجِ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ الرَّابِعُ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ لَيْسَتْ مُوقَعَةً فِي الْمُنَازَعَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ. وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَقَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً) يَعْنِي فِي الْمَالِيَّةِ كَالذَّهَبِ الْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ، فَإِنَّ الْمِصْرِيَّ أَفْضَلُ فِي الْمَالِيَّةِ مِنْ الْمَغْرِبِيِّ إذَا فُرِضَ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الرَّوَاجِ (فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ) لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ إشَارَةً إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، إلَّا أَنْ تَرْتَفِعَ الْجَهَالَةُ بِبَيَانِ أَحَدِهِمَا. فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ. وَقَوْلُهُ (أَوْ يَكُونُ أَحَدُهَا أَغْلَبَ وَأَرْوَجَ فَحِينَئِذٍ يُصْرَفُ الْبَيْعُ إلَيْهِ تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ) إشَارَةً إلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَوْ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ، لِأَنَّ كَوْنَ أَحَدِهَا أَرْوَجَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْمَالِيَّةِ أَوْ مَعَ اسْتِوَاءٍ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِيهِمَا.
وَقَوْلُهُ (وَهَذَا) أَيْ فَسَادُ الْبَيْعِ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْمَالِيَّةِ: يَعْنِي مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الرَّوَاجِ إشَارَةً إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي. أَعَادَهُ لِلتَّمْثِيلِ بِقَوْلِهِ كَالثُّنَائِيِّ وَهُوَ مَا يَكُونُ الِاثْنَانِ مِنْهُ دَانَقًا وَالثُّلَاثِيِّ وَهُوَ مَا يَكُونُ الثَّلَاثَةُ مِنْهُ دَانَقًا وَالنُّصْرُتِيِّ الْيَوْمَ بِسَمَرْقَنْدَ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّاصِرِيِّ بِبُخَارَى، وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعَدَالَى بِفَرْغَانَةَ وَفُقَهَاءُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ يُسَمُّونَ الدِّرْهَمَ عَدْلِيًّا، وَكُلُّ هَذَا يَخْتَلِفُ فِي الْمَالِيَّةِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الرَّوَاجِ.
وَقَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ سَوَاءً فِيهَا) أَيْ فِي الْمَالِيَّةِ: يَعْنِي مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الرَّوَاجِ إشَارَةً إلَى الْقِسْمِ الرَّابِعِ وَجَزَاءُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ (جَازَ الْبَيْعُ إذَا أَطْلَقَ اسْمَ الدَّرَاهِمِ كَذَا قَالُوا) أَيْ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَشَايِخِ (وَيَنْصَرِفُ) اسْمُ الدَّرَاهِمِ (إلَى مَا قُدِّرَ بِهِ) مِنْ الْمِقْدَارِ كَعَشَرَةٍ وَنَحْوِهَا (مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ) مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِنَوْعٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ لَا مُنَازَعَةَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الرَّوَاجِ (وَلَا اخْتِلَافَ فِي الْمَالِيَّةِ) وَظَهَرَ مِنْ هَذَا تَعْقِيدُ كَلَامِ الشَّيْخِ ﵀. فَإِنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الْمَالِيَّةِ وَمِثَالُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ كَالثُّنَائِيِّ بِالشَّرْطِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ سَوَاءً وَفَصَلَ بَيْنَ الشَّرْطِ هَذَا وَبَيْنَ جَزَائِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ جَازَ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ كَالثُّنَائِيِّ إلَى قَوْلِهِ جَازَ، وَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ كَالثُّنَائِيِّ إلَخْ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ سَوَاءً لِأَنَّ مَا كَانَ اثْنَانِ مِنْهُ نِقَادًا وَثَلَاثَةٌ مِنْهُ دَانَقًا لَا يَكُونَانِ فِي الْمَالِيَّةِ سَوَاءً، لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا فِي الرَّوَاجِ سَوَاءً، هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute