فَصَارَ كَجَهَالَةِ الْوَصْفِ فِي الْمُعَايِنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ.
(وَكَذَا إذَا قَالَ رَضِيت ثُمَّ رَآهُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ) لِأَنَّ الْخِيَارَ مُعَلَّقٌ بِالرُّؤْيَةِ لِمَا رَوَيْنَا فَلَا يَثْبُتُ قَبْلَهَا، وَحَقُّ الْفَسْخُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِحُكْمِ أَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ لَا بِمُقْتَضَى الْحَدِيثِ،
وَعُورِضَ بِأَنَّ الْبَيْعَ نَوْعَانِ: بَيْعُ عَيْنٍ، وَبَيْعُ دَيْنٍ، وَطَرِيقُ الْمَعْرِفَةِ فِي الثَّانِي هُوَ الْوَصْفُ وَفِي الْأَوَّلِ الْمُشَاهَدَةُ، ثُمَّ مَا هُوَ طَرِيقٌ إلَى الثَّانِي إذَا تَرَاخَى عَنْ حَالَةِ الْعَقْدِ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَكَذَلِكَ مَا هُوَ طَرِيقٌ إلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُشَاهَدَةُ إذَا تَرَاخَى فَسَدَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ سَاقِطَةٌ لِأَنَّ السَّلَمَ إنَّمَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ تَرْكِ الْوَصْفِ لِإِفْضَاءِ الْجَهَالَةِ إلَى الْمُنَازَعَةِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَالَ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْقُدُورِيِّ: يَعْنِي كَمَا أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ إذَا لَمْ يَقُلْ رَضِيت فَكَذَا إذَا قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَهُ ثُمَّ رَآهُ، لِأَنَّ الْخِيَارَ مُعَلَّقٌ بِالرُّؤْيَةِ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّيْءِ لَا يَثْبُتُ قَبْلَهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ الشَّرْطِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ الْعَقْدُ بِالرِّضَا قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَزِمَ امْتِنَاعُ الْخِيَارِ عِنْدَهَا، وَهُوَ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ عِنْدَهَا فَمَا أَدَّى إلَى إبْطَالِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَحَقُّ الْفَسْخِ) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْرِيرُهُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَمَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ مِنْ نَتَائِجِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ كَالْقَبُولِ فَكَانَ مُعَلَّقًا بِهَا فَلَا يُوجَدُ قَبْلَهَا. وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ حَقَّ الْفَسْخِ بِحُكْمِ أَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مُنْبَرِمًا فَجَازَ فَسْخُهُ لِوَهَاءٍ فِيهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فِي عَقْدِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ يَمْلِكُ الْفَسْخَ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ لُزُومِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ لَا شَرْطًا وَلَا شَرْعًا، بِخِلَافِ الرِّضَا فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِمُقْتَضَى الْحَدِيثِ فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute