وَلِأَنَّ الرِّضَا بِالشَّيْءِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَوْصَافِهِ لَا يَتَحَقَّقُ فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ رَضِيت قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ رَدَدْت.
بُطْلَانِهِ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَدَمَ لُزُومِ هَذَا الْعَقْدِ بِاعْتِبَارِ الْخِيَارِ فَهُوَ مَلْزُومٌ لِلْخِيَارِ وَالْخِيَارُ مُعَلَّقٌ بِالرُّؤْيَةِ لَا يُوجَدُ بِدُونِهَا فَكَذَا مَلْزُومُهُ لِأَنَّ مَا هُوَ شَرْطُ اللَّازِمِ فَهُوَ شَرْطٌ لِلْمَلْزُومِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الرِّضَا بِالشَّيْءِ) جَوَابُ سُؤَالٍ آخَرَ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْإِمْضَاءَ لِلرِّضَا وَالرِّضَا بِالشَّيْءِ (لَا يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَوْصَافِهِ) لِأَنَّ الرِّضَا اسْتِحْسَانُ الشَّيْءِ وَاسْتِحْسَانُ مَا لَمْ يُعْلَمْ مَا يُحَسِّنُهُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ.
وَأَمَّا الْفَسْخُ فَإِنَّمَا هُوَ لِعَدَمِ الرِّضَا، وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُحْسِنَاتِ. لَا يُقَالُ: عَدَمُ الرِّضَا لِاسْتِقْبَاحِ الشَّيْءِ وَاسْتِقْبَاحُ مَا لَمْ يُعْلَمْ مَا يُقَبِّحُهُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ، لِأَنَّ عَدَمَ الرِّضَا قَدْ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا بَدَا لَهُ مِنْ انْتِفَاءِ احْتِيَاجِهِ إلَى الْمَبِيعِ أَوْ ضَيَاعِ ثَمَنِهِ أَوْ اسْتِغْلَائِهِ فَلَا يَلْزَمُ الِاسْتِقْبَاحُ. ذَكَرَ فِي التُّحْفَةِ أَنَّ جَوَازَ الْفَسْخِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَلَكِنَّ الْمَشَايِخَ اخْتَلَفُوا؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى الْإِجَازَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute