للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ: وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَادَّعَى إبَاقًا لَمْ يُحَلَّفْ الْبَائِعُ حَتَّى يُقِيمَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ) وَالْمُرَادُ التَّحْلِيفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ وَإِنْ كَانَ قَوْلَهُ وَلَكِنَّ إنْكَارَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ قِيَامِ الْعَيْبِ بِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي

عِنْدَ حُضُورِ شُهُودِهِ. وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ مَا قِيلَ فِي بَقَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى حُجَّتِهِ بُطْلَانُ قَضَاءِ الْقَاضِي وَقَدْ تَقَدَّمَ بُطْلَانُهُ. وَالثَّانِي أَنَّ الِانْتِظَارَ وَإِقَامَةَ الْحُجَّةِ بَعْدَ الدَّفْعِ مُؤَقَّتَانِ بِحُضُورِ الشُّهُودِ فَكَيْفَ كَانَ أَحَدُهُمَا ضَرَرًا وَالْآخَرُ دُونَهُ؟ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَاضِيَ هَاهُنَا قَدْ قَضَى بِأَدَاءِ الثَّمَنِ إلَى حِينِ حُضُورِ الشُّهُودِ لَا مُطْلَقًا فَلَا يَلْزَمُ الْبُطْلَانُ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ فِي دَعْوَى غَيْبَةِ الشُّهُودِ مُتَّهَمٌ. لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُمَاطَلَةً فَلَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَإِذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي يَمِينَ الْبَائِعِ فَنَكَلَ أُلْزِمَ الْعَيْبَ لِأَنَّ النُّكُولَ حُجَّةٌ فِي ثُبُوتِ الْعَيْبِ. قِيلَ هُوَ احْتِرَازٌ عَنْ النُّكُولِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِالْإِجْمَاعِ وَعَنْ النُّكُولِ فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَادَّعَى إبَاقًا) إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي إبَاقَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَالْقَاضِي لَا يَسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَثْبُتَ وُجُودُ الْعَيْبِ عِنْدَهُ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ يَسْمَعُ دَعْوَاهُ وَقَالَ الْبَائِعُ هَلْ كَانَ عِنْدَك هَذَا الْعَيْبُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ قَالَ نَعَمْ رَدَّهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَدَّعِ الرِّضَا أَوْ الْإِبْرَاءَ، وَإِنْ أَنْكَرَ وُجُودَهُ عِنْدَهُ أَوْ ادَّعَى اخْتِلَافَ الْحَالَةِ قَالَ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي أَلَك بَيِّنَةٌ فَإِنْ أَقَامَهَا عَلَيْهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَطَلَبَ الْيَمِينَ يُسْتَحْلَفُ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْلِفْ قَبْلَ إقَامَةِ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ لِأَنَّ الْقَوْلَ وَإِنْ كَانَ قَوْلَ الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ مُنْكِرًا لَكِنَّ إنْكَارَهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>