للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَعْرِفَتِهِ بِالْحُجَّةِ (فَإِذَا أَقَامَهَا حَلَفَ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَمَا أَبَقَ عِنْدَهُ قَطُّ) كَذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ شَاءَ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَيْك مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَدَّعِي أَوْ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ عِنْدَك قَطُّ

بَعْدَ قِيَامِ الْعَيْبِ بِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، لِأَنَّ السَّلَامَةَ أَصْلٌ وَالْعَيْبَ عَارِضٌ، وَمَعْرِفَتُهُ إنَّمَا لَا تَكُونُ بِالْحُجَّةِ، وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقْبَلُ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ بِمُدَّعٍ، بَلْ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْعَيْبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ. وَالثَّانِي أَنَّ سَلَامَةَ الذِّمَمِ عَنْ الدَّيْنِ أَصْلٌ وَالشُّغْلَ بِهِ عَارِضٌ، كَمَا أَنَّ السَّلَامَةَ عَنْ الْعَيْبِ أَصْلٌ وَالْعَيْبَ عَارِضٌ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَبَيْنَ مَا إذَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَيْنًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَأْمُرُ الْخَصْمَ بِالْجَوَابِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ قِيَامُ الدَّيْنِ فِي الْحَالِ

وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ إقَامَةَ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ مِنْ تَتِمَّةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ تِلْكَ إلَّا بِهَذِهِ فَكَانَتْ مِنْ الْمُدَّعِي بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ قِيَامَ الدَّيْنِ فِي الْحَالِ لَوْ كَانَ شَرْطًا لِاسْتِمَاعِ الْخُصُومَةِ لَمْ يَتَوَسَّلْ الْمُدَّعِي إلَى إحْيَاءِ حَقِّهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَكُونُ لَهُ بَيِّنَةٌ، أَوْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَكِنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى إقَامَتِهَا لِمَوْتٍ أَوْ غَيْبَةٍ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ تَوَسُّلَ الْمُشْتَرِي إلَى إحْيَاءِ حَقِّهِ مُمْكِنٌ لِأَنَّ الْعَيْبَ إذَا كَانَ مِمَّا يُعَايَنُ وَيُشَاهَدُ أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ بِالتَّعَرُّفِ عَنْ آثَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْآثَارِ أَمْكَنَ التَّعَرُّفُ عَنْهُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْأَطِبَّاءِ وَالْقَوَابِلِ، وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا فَإِذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَمَا أَبَقَ عِنْدَهُ قَطُّ، كَذَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ هَاهُنَا الْجَامِعُ الصَّغِيرُ، وَإِنْ شَاءَ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَيْك مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُدَّعَى أَوْ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ عِنْدَك قَطُّ، وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَقَدْ بَاعَهُ وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>