لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَإِنْ كَانَ فِي ضِمْنِهِ التَّمْلِيكُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى التَّسْلِيمِ فَلَا تَكُونُ مُفْسِدَةً
وَلِهَذَا جَازَ طَلَاقُ نِسَائِهِ وَإِعْتَاقُ عَبِيدِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي عَدَدَهُمْ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ فِي ضِمْنِهِ التَّمْلِيكُ) إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ ضِمْنًا، وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ مَا قُلْنَاهُ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ مَحْضَ التَّمْلِيكِ لَا يَبْطُلُ بِجَهَالَةٍ لَا تُفَوِّتُ التَّسْلِيمَ، كَمَا إذَا بَاعَ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةِ فُلَانٍ لَا يَبْطُلُ الْإِسْقَاطُ الَّذِي فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَالْمُسْقِطُ مُتَلَاشٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ أَوْلَى.
وَوَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنَّ الْبَرَاءَةَ تَتَنَاوَلُ الثَّابِتَ حَالَ الْبَرَاءَةِ لِأَنَّ مَا يُحْبَسُ مَجْهُولٌ لَا يُعْلَمُ أَيَحْدُثُ أَمْ لَا وَأَيُّ مِقْدَارٍ يَحْدُثُ وَالثَّابِتُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ. وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: الْغَرَضُ مِنْ الْإِبْرَاءِ إلْزَامُ الْعَقْدِ بِإِسْقَاطِ حَقِّ الْمُشْتَرِي عَنْ صِفَةِ السَّلَامَةِ لِيَقْدِرَ عَلَى التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ بِالْعَقْدِ وَذَلِكَ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ الْمَوْجُودِ وَالْحَادِثِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ نَصَّ بِالْحَادِثِ فَقَالَ بِعْت بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ أَوْ مَا يَحْدُثُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْحُكْمُ الَّذِي يَفْسُدُ تَنْصِيصُهُ كَيْفَ يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ الْبَرَاءَةِ؟ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ الْإِجْمَاعَ فَإِنَّهُ ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، سَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ الْفَرْقَ لِأَنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهِ هَاهُنَا يَتَنَاوَلُ الْعُيُوبَ الْمَوْجُودَةَ ثُمَّ يَدْخُلُ فِيهَا مَا يَحْدُثُ قَبْلَ الْقَبْضِ تَبَعًا، وَقَدْ يَدْخُلُ فِي التَّصَرُّفِ تَبَعًا مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute