للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذِهِ بُيُوعٌ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يَتَرَاوَضَ الرَّجُلَانِ عَلَى سِلْعَةٍ: أَيْ يَتَسَاوَمَانِ، فَإِذَا لَمَسَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ نَبَذَهَا إلَيْهِ الْبَائِعُ أَوْ وَضَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا حَصَاةً لَزِمَ الْبَيْعُ؛ فَالْأَوَّلُ بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالثَّانِي الْمُنَابَذَةُ، وَالثَّالِثُ إلْقَاءُ الْحَجَرِ، «وَقَدْ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» وَلِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيقًا بِالْخَطَرِ.

قَالَ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ) لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ؛ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِفُرُوعِهِ.

قَالَ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَرَاعِي وَلَا إجَارَتُهَا) الْمُرَادُ الْكَلَأُ، أَمَّا الْبَيْعُ فَلِأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُهُ لِاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِيهِ بِالْحَدِيثِ،

سَامَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ: أَيْ عَرَضَهَا وَذَكَرَ ثَمَنَهَا، وَسَامَهَا الْمُشْتَرِي بِمَعْنَى اسْتَامَهَا. بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ هُوَ أَنْ يَتَسَاوَمَ الرَّجُلَانِ فِي السِّلْعَةِ فَيَلْمِسُهَا الْمُشْتَرِي بِيَدِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ ابْتِيَاعًا لَهَا رَضِيَ مَالِكُهَا بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرْضَ. وَبَيْعُ الْمُنَابَذَةِ هُوَ أَنْ يَتَرَاوَضَ الرَّجُلَانِ عَلَى السِّلْعَةِ فَيُحِبُّ مَالِكُهَا إلْزَامَ الْمُسَاوِمِ لَهُ عَلَيْهَا إيَّاهَا فَيَنْبِذُهَا إلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ بِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لَهُ رَدُّهَا عَلَيْهِ. وَبَيْعُ إلْقَاءِ الْحَجَرِ هُوَ أَنْ يَتَسَاوَمَ الرَّجُلَانِ عَلَى السِّلْعَةِ فَإِذَا وَضَعَ الطَّالِبُ لِشِرَائِهَا حَصَاةً عَلَيْهَا تَمَّ الْبَيْعُ فِيهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهَا ارْتِجَاعٌ فِيهَا. وَهَذِهِ كَانَتْ بُيُوعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ . وَعِبَارَةُ الْكِتَابِ تُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَبَيْعُ إلْقَاءِ الْحَجَرِ مُلْحَقٌ بِهِمَا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُمَا، وَلِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيقًا بِالْخَطَرِ وَالتَّمْلِيكَاتُ لَا تَحْتَمِلُهُ لِأَدَائِهِ إلَى مَعْنَى الْقِمَارِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: أَيُّ ثَوْبٍ أَلْقَيْت عَلَيْهِ الْحَجَرَ فَقَدْ بِعْته، وَأَيُّ ثَوْبٍ لَمَسْته بِيَدِك فَقَدْ بِعْته، وَأَيُّ ثَوْبٍ نَبَذْته إلَيَّ فَقَدْ اشْتَرَيْته.

(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ) لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ، إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ أَنْ تَأْخُذَ أَيَّهمَا شِئْت فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ.

قَالَ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَرَاعِي وَلَا إجَارَتُهَا) وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَلَأُ وَهُوَ مَا لَيْسَ لَهُ سَاقٌ مِنْ الْحَشِيشِ، كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>