. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ مَا لَيْسَ لَهُ سَاقٌ وَمَا لَهُ سَاقٌ فَهُوَ كَلَأٌ، وَإِنَّمَا فَسَّرَ الْمَرَاعِيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَ الْمَرْعَى يَقَعُ عَلَى مَوْضِعِ الرَّعْيِ وَهُوَ الْأَرْضُ وَعَلَى الْكَلَأِ وَعَلَى مَصْدَرِ رَعَى، وَلَوْ لَمْ يُفَسَّرْ بِذَلِكَ لَتُوُهِّمَ أَنَّ بَيْعَ الْأَرْضِ وَإِجَارَتَهَا لَا يَجُوزُ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ بَيْعَ الْأَرَاضِي وَإِجَارَتَهَا صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا الْكَلَأُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، أَمَّا عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ الْكَلَأِ غَيْرِ الْمُحْرَزِ فَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِيهِ بِالْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷺ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ» وَمَا هُوَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.
وَمَعْنَى شَرِكَتِهِمْ فِيهَا أَنَّ لَهُمْ الِانْتِفَاعَ بِضَوْئِهَا وَالِاصْطِلَاءَ بِهَا وَالشُّرْبَ وَسَقْيَ الدَّوَابِّ وَالِاسْتِقَاءَ مِنْ الْآبَارِ وَالْحِيَاضِ الْمَمْلُوكَةِ وَالْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةِ وَالِاحْتِشَاشَ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةِ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ الدُّخُولِ فِي أَرْضِهِ، فَإِنْ مَنَعَ كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ إنَّ لِي فِي أَرْضِك حَقًّا، فَإِمَّا أَنْ تُوَصِّلَنِي إلَى حَقِّي أَوْ تَحْتَشَّهُ فَتَدْفَعَهُ إلَيَّ أَوْ تَدَعَنِي آخُذُهُ، كَثَوْبٍ لِرَجُلٍ وَقَعَ فِي دَارِ إنْسَانٍ هَذَا إذَا نَبَتَ ظَاهِرًا، وَأَمَّا إذَا أَنْبَتَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِالسَّقْيِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ. وَذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ وَالنَّوَازِلِ أَنَّ صَاحِبَهَا يَمْلِكُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَجَازَ بَيْعُهُ. وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْكَلَإِ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ، وَإِنَّمَا تَنْقَطِعُ بِالْحِيَازَةِ وَسَوْقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute