وَبِخِلَافِ النِّكَاحِ إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّهُ مُتْعَةٌ وَهُوَ عَقْدٌ غَيْرُ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ ثُمَّ تَرَاضَيَا خَرَجَ وِفَاقًا؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْأَجَلُ يَسْتَبِدُّ بِإِسْقَاطِهِ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِ.
قَالَ (وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ أَوْ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ وَمَيِّتَةٍ بَطَل الْبَيْعُ فِيهِمَا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: إنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا جَازَ فِي الْعَبْدِ وَالشَّاةِ الذَّكِيَّةِ (وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ أَوْ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْعَبْدِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ) عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ زُفَرُ ﵀: فَسَدَ فِيهِمَا، وَمَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا كَالْمَيْتَةِ، وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْمُدَبَّرِ لَهُ الِاعْتِبَارُ بِالْفَصْلِ الْأَوَّلِ، إذْ مَحَلِّيَّةُ الْبَيْعِ مُنْتَفِيَةٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْكُلِّ
قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ النِّكَاحِ) جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِ زُفَرَ عَلَى النِّكَاحِ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّا قَدْ قُلْنَا إنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ قَدْ يَنْقَلِبُ جَائِزًا قَبْلَ تَقْرِيرِ الْمُفْسِدِ، وَلَمْ نَقُلْ إنَّ عَقْدًا يَنْقَلِبُ عَقْدًا آخَرَ، وَالنِّكَاحُ إلَى أَجَلٍ مُتْعَةٌ وَهِيَ عَقْدٌ غَيْرُ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا يَنْقَلِبُ نِكَاحًا (قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ) أَيْ الْقُدُورِيِّ ثُمَّ تَرَاضَيَا خَرَجَ وِفَاقًا لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْأَجَلُ يَسْتَبِدُّ بِإِسْقَاطِهِ لِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِ.
قَالَ (وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ أَوْ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ وَمَيْتَةٍ إلَخْ) إذَا جَمَعَ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ أَوْ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ وَمَيْتَةٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا مُطْلَقًا أَعْنِي سَوَاءً فَصَّلَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يُفَصِّلْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتهمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ جَازَ الْعَقْدُ فِي الْعَبْدِ وَالذَّكِيَّةِ (وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ أَوْ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ صَحَّ الْعَقْدُ فِي الْعَبْدِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَهُمْ خِلَافًا لِزُفَرَ ﵀ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ. أَوْ فِي الْجَمْعَيْنِ جَمِيعًا (وَمَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا كَالْمَيْتَةِ وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ كَالْمُدَبَّرِ)، فَإِنْ قِيلَ: مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَصَارَ كَالْمُدَبَّرَةِ فَيَجِبُ جَوَازُ بَيْعِهِ مَعَ الْمُذَكَّى كَبَيْعِ الْقِنِّ مَعَ الْمُدَبَّرِ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُجْتَهَدٍ فِيهِ بَلْ خَطَأٌ بَيِّنٌ لِمُخَالَفَةِ الدَّلِيلِ الظَّاهِرِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَضَى بِحِلِّهِ لَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِي الْبَيْعِ (لِزُفَرَ الِاعْتِبَارُ بِالْفَصْلِ) الْأَوَّلِ: يَعْنِي بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ بِجَامِعِ انْتِفَاءِ الْمَحَلِّيَّةِ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ. وَلِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: إذَا سَمَّى لِكُلٍّ ثَمَنًا أَنَّ الْفَسَادَ بِقَدْرِ الْمُفْسِدِ إذْ الْحُكْمُ يَثْبُتُ بِقَدْرِ دَلِيلِهِ وَالْمُفْسِدُ فِي الْحُرِّ كَوْنُهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْبَيْعِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ دُونَ الْقِنِّ فَلَا يَتَعَدَّاهُ كَمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَأُخْتِهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ لِأَنَّ ثَمَنَ الْعَبْدِ مَجْهُولٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute