إلَّا أَنَّهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُرَاضَاةُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الشَّرْطُ. قَالَ (فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ بَيْعُهُ)؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَمَلَكَ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَسَقَطَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ بِالثَّانِي وَنُقِضَ الْأَوَّلُ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ لِحَاجَتِهِ،
وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَهُ فَلِلَّذِي لَهُ الشَّرْطُ أَنْ يَفْسَخَهُ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُطْلَبُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، قِيلَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَوَجْهُهُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْعَقْدَ قَوِيٌّ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَقُّ الْفَسْخِ لَكِنَّ الرِّضَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الشَّرْطُ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَقُّ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ حَقًّا لِلشَّرْعِ فَانْتَفَى اللُّزُومُ عَنْ الْعَقْدِ، وَفِي الْعَقْدِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ يَتَمَكَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ فَسْخِهِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْكَافِي، فَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَقْبُوضَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ نَفَذَ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ، وَكُلُّ مَنْ مَلَكَ بِالْقَبْضِ شَيْئًا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفًا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ كَالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ، أَوْ يَحْتَمِلُهُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ مَأْكُولًا لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ، وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، فَلَمْ يَمْلِكْ التَّصَرُّفَ مُطْلَقًا. وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ. فَإِنَّ مُحَمَّدًا نَصَّ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ عَلَى حِلِّ تَنَاوُلِهِ قَالَ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: يُكْرَهُ الْوَطْءُ وَلَا يَحْرُمُ، فَالْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ الطَّيِّبِ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالْوَطْءُ مِمَّا لَا يُسْتَبَاحُ بِصَرِيحِ التَّسْلِيطِ فَبِدَلَالَتِهِ أَوْلَى، وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْمِلْكِ وَهُوَ يَنْفَكُّ عَنْ صِفَةِ الْحِلِّ. وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ نَافِذًا سَقَطَ حَقُّ ارْتِدَادِ الْبَائِعِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ؟ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالْبَيْعِ الثَّانِي وَنَقْضُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ لِحَقِّ الشَّرْعِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ حَقُّ الشَّرْعِ وَحَقُّ الْعَبْدِ يُقَدَّمُ حَقُّ الْعَبْدِ لِحَاجَتِهِ وَغِنَى الشَّرْعِ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ إنْ كَانَ إجَارَةً أَوْ تَزْوِيجًا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ اسْتِرْدَادِهِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي وَوَرِثَ وَارِثُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute