قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَتَقَابَضَا فَبَاعَهَا وَرَبِحَ فِيهَا تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ وَيَطِيبُ لِلْبَائِعِ مَا رَبِحَ فِي الثَّمَنِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجَارِيَةَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهَا فَيَتَمَكَّنُ الْخُبْثُ فِي الرِّبْحِ، وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ
الَّتِي رَوَاهَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِمُحَمَّدٍ
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَتَقَابَضَا) اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْوَالَ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَنَوْعٌ يَتَعَيَّنُ كَخِلَافِهِمَا وَالْخَبَثُ أَيْضًا عَلَى نَوْعَيْنِ: خَبَثٌ لِفَسَادِ الْمِلْكِ، وَخَبَثٌ لِعَدَمِ الْمِلْكِ. فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ دُونَ مَا لَا يَتَعَيَّنُ. وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ فِيهِمَا جَمِيعًا.
وَإِذَا ظَهَرَ هَذَا فَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَيْعًا فَاسِدًا وَتَقَابَضَا فَبَاعَهَا وَرَبِحَ فِيهَا تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ وَإِنْ اشْتَرَى الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ شَيْئًا وَرَبِحَ فِيهِ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهَا وَيُؤَثِّرُ الْخَبَثُ فِي الرِّبْحِ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا يَتَعَيَّنَانِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ الْعَقْدُ الثَّانِي بِعَيْنِهَا فَلَمْ يُؤَثِّرْ الْخَبَثُ فِيهِ لِأَنَّهُ لِفَسَادِ الْمِلْكِ لَا لِعَدَمِهِ، وَمَعْنَى عَدَمِ التَّعَيُّنِ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَيْهَا وَقَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ كَانَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ غَيْرَهَا لِمَا أَنَّ الثَّمَنَ يَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي الْبِيَاعَاتِ، وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ، وَهِيَ أَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ لَا عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ. وَمَنْ غَصَبَ جَارِيَةً وَبَاعَهَا بَعْدَ ضَمَانِ قِيمَتِهَا فَرَبِحَ فِيهَا أَوْ غَصَبَ دَرَاهِمَ وَأَدَّى ضَمَانَهَا وَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا وَبَاعَهُ وَرَبِحَ فِيهِ تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute