وَشَكَّ يَعْقُوبُ فِي حِفْظِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁، وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى انْقِطَاعِ حَقِّ الْبَائِعِ بِالْبِنَاءِ وَثُبُوتِهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ.
الشَّفِيعِ. رُوِيَ وُجُوبُ الْقِيمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَعْقُوبَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، ثُمَّ شُكَّ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حِفْظِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا فِي مَذْهَبِهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ ذَلِكَ تَنْصِيصُ مُحَمَّدٍ ﵀ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ أَنَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ فِي هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ، وَعِنْدَهُمَا لَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا وَحَقُّ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى انْقِطَاعِ حَقِّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَثُبُوتُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَمَنْ قَالَ بِثُبُوتِهِ قَالَ بِانْقِطَاعِ حَقِّ الْبَائِعِ، وَمَنْ قَالَ بِانْتِفَائِهِ قَالَ بِعَدَمِ انْقِطَاعِ حَقِّ الْبَائِعِ لِأَنَّ وُجُودَ الْمَلْزُومِ بِدُونِ لَازِمِهِ مُحَالٌ، وَعَلَى هَذَا فَمَنْ حَفِظَ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَا يَشُكُّ فِي مَذْهَبِهِ فِي انْقِطَاعِ حَقِّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ فَلَمْ يَبْقَ الشَّكُّ إلَّا فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ لِمُحَمَّدٍ ﵏.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الَّتِي جَرَتْ الْمُحَاوَرَةُ فِيهَا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَا رَوَيْت عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا، وَإِنَّمَا رَوَيْت لَك أَنْ يُنْقَضَ الْبِنَاءُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: بَلْ رَوَيْت لِي عَنْهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا، وَهَذَا كَمَا تَرَى يُشِيرُ إلَى أَنَّ الشَّكَّ كَانَ فِي الرِّوَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا، وَإِنَّمَا قَالَ مَا رَوَيْت وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ مُحْتَاجًا إلَى تَوْكِيدٍ كَرَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ (شَكَّ يَعْقُوبُ فِي الرِّوَايَةِ) وَفِي كَلَامِهِ نَوْعُ انْغِلَاقٍ لِأَنَّهُ قَالَ: رَوَاهُ يَعْقُوبُ عَنْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالرَّاوِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْهُ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ تَصْنِيفُهُ، إلَّا إذَا أُرِيدَ بِالْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمَسَائِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute