للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَعَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي) فَقَدْ قَالَ «لَا يَبِعْ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي» وَهَذَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ فِي قَحْطٍ وَعَوَزٍ، وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ طَمَعًا فِي الثَّمَنِ الْغَالِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِمْ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِانْعِدَامِ الضَّرَرِ. قَالَ: (وَالْبَيْعُ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ ثُمَّ فِيهِ إخْلَالٌ بِوَاجِبِ السَّعْيِ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَذَانَ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. قَالَ (وَكُلُّ ذَلِكَ يُكْرَهُ) لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي مَعْنًى خَارِجٍ زَائِدٍ لَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَلَا فِي شَرَائِطِ الصِّحَّةِ

أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِأَنْ كَانَ أَهْلُ الْمِصْرِ فِي قَحْطٍ وَضِيقٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ بِاعْتِبَارِ قُبْحِ التَّضْيِيقِ الْمُجَاوِرِ الْمُنْفَكِّ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَقَدْ لَبَّسَ السِّعْرَ عَلَى الْوَارِدِينَ فَقَدْ غَرَّ وَضَرَّ وَهُوَ قَبِيحٌ فَيُكْرَهُ، وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

(قَالَ وَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي) أَيْ وَنَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي فَقَالَ «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِلْبَادِي» وَصُورَتُهُ الرَّجُلُ لَهُ طَعَامٌ لَا يَبِيعُهُ لِأَهْلِ الْمِصْرِ وَيَبِيعُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ بِثَمَنٍ غَالٍ، فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْمِصْرِ فِي سَعَةٍ لَا يَتَضَرَّرُونَ بِذَلِكَ أَوْ فِي قَحْطٍ يَتَضَرَّرُونَ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَعَلَى هَذَا تَكُونُ اللَّامُ لِلْبَادِي بِمَعْنَى مِنْ. وَقِيلَ فِي صُورَتِهِ نَظَرًا إلَى اللَّامِ أَنْ يَتَوَلَّى الْمِصْرِيُّ الْبَيْعَ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ لِيُغَالِيَ فِي الْقِيمَةِ.

قَالَ (وَالْبَيْعُ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ) أَيْ وَنَهَى عَنْ الْبَيْعِ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ " وَتَسْمِيَتُهُ مَنْهِيًّا بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ لَا بِاعْتِبَارِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ فِيهِ) بَيَانٌ لِلْقُبْحِ الْمُجَاوِرِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ قَدْ يُخِلُّ بِوَاجِبِ السَّعْيِ إذْ قَعَدَا أَوْ وَقَفَا يَتَبَايَعَانِ، وَأَمَّا إذَا تَبَايَعَا يَمْشِيَانِ فَلَا إخْلَالَ فَيَصِحُّ بِلَا كَرَاهَةٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ إذَا كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ (وَكُلُّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>