لِمُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّ اللَّفْظَ لِلْفَسْخِ وَالرَّفْعِ. وَمِنْهُ يُقَالُ: أَقِلْنِي عَثَرَاتِي فَتُوَفِّرُ عَلَيْهِ قَضِيَّتَهُ. وَإِذَا تَعَذَّرَ يُحْمَلُ عَلَى مُحْتَمَلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ بَيْعٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ: وَلِأَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي. وَهَذَا هُوَ حَدُّ الْبَيْعِ وَلِهَذَا يَبْطُلُ بِهَلَاكِ السِّلْعَةِ وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَتَثْبُتُ بِهِ الشُّفْعَةُ وَهَذِهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ اللَّفْظَ يُنْبِئُ عَنْ الرَّفْعِ وَالْفَسْخِ كَمَا قُلْنَا، وَالْأَصْلُ إعْمَالُ الْأَلْفَاظِ فِي مُقْتَضَيَاتِهَا الْحَقِيقِيَّةِ
فِي الدُّعَاءِ أَقِلْنِي عَثْرَتِي، وَإِذَا أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ لَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ فَيُعْمَلُ بِهَا، وَإِذَا تَعَذَّرَ يُحْمَلُ عَلَى مُحْتَمَلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِي حَقٍّ ثَالِثٍ. وَاسْتَدَلَّ أَبُو يُوسُفَ بِمَعْنَاهُ فَإِنَّهُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي وَلَيْسَ الْبَيْعُ إلَّا ذَلِكَ، وَاعْتَضَدَ بِثُبُوتِ أَحْكَامِ الْبَيْعِ مِنْ بُطْلَانِهَا بِهَلَاكِ السِّلْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَثُبُوتِ الشُّفْعَةِ. وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بَيْعًا أَوْ مُحْتَمَلَةً لَهُ لَانْعَقَدَ الْبَيْعُ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَأُجِيبَ بِمَنْعِ بُطْلَانِ اللَّازِمِ عَلَى الْمَرْوِيِّ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَبِالْفَرْقِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ ابْتِدَاءً أَقَلْتُك الْعَقْدَ فِي هَذَا الْعَبْدِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ أَصْلًا تَعَذَّرَ تَصْحِيحُهَا بَيْعًا لِأَنَّ الْإِقَالَةَ إنَّمَا أُضِيفَتْ إلَى مَا لَا وُجُودَ لَهُ فَتَبْطُلُ فِي مَخْرَجِهَا، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا أُضِيفَتْ إلَى مَا لَهُ وُجُودٌ: أَعْنِي بِهِ سَابِقَةَ الْعَقْدِ قَبْلَهَا فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ إرَادَةِ الْمَجَازِ مِنْ اللَّفْظِ فِي مَوْضِعٍ لِوُجُودِ الدَّلَالَةِ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْمَجَازِ إرَادَةُ الْمَجَازِ فِي سَائِرِ الصُّوَرِ عِنْدَ عَدَمِ دَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى الْمَجَازِ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَجْعَلُ الْإِقَالَةَ بَيْعًا مَجَازًا وَذَلِكَ مَصِيرٌ إلَى الْمَجَازِ مَعَ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِالْحَقِيقَةِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ. وَالثَّانِي أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute