لِأَنَّهُ ﵊ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ
لِأَنَّهُ ﷺ «نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ») وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ ﵀ فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِالطَّعَامِ وَلَا تَمَسُّكَ لَهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّهُ ﷺ قَالَ «إنْ اشْتَرَى أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» فَإِنَّ تَخْصِيصَ الطَّعَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيمَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ، لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: وَأَحْسُبُ كُلَّ شَيْءٍ مِثْلَ الطَّعَامِ. وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّخْصِيصَ لَمْ يَكُنْ مُرَادًا وَكَانَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا بَيْنَ الصَّحَابَةِ. حَدَّثَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ مُسْنَدًا إلَى ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ قَالَ: ابْتَعْت زَيْتًا فِي السُّوقِ، فَلَمَّا اسْتَوْفَيْته لَقِيَنِي رَجُلٌ فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا، فَأَرَدْت أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ: لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْته حَتَّى تَحُوزَهُ إلَى رَحْلِك، فَإِنَّ «رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ ابْتِيَاعِ السِّلَعِ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى تَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ» وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَقُلْ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّصَرُّفُ لِيَقَعَ عَلَى الِاتِّفَاقِ، فَإِنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ جَائِزَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَقَبَضَهُ، لِأَنَّ تَمَامَ هَذَا الْعَقْدِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَالْمَانِعُ زَائِلٌ عِنْدَ ذَلِكَ. بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ بِنَفْسِهِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ الْهِبَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الشُّيُوعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute