للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ عَلَى اعْتِبَارِ الْهَلَاكِ.

فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ دُونَ الْبَيْعِ، ثُمَّ الْبَيْعُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ مَا مَلَكَهُ فِي حَالِ قِيَامِ الْغَرَرِ فِي مِلْكِهِ فَالْهِبَةُ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ) اسْتِدْلَالٌ بِالْمَعْقُولِ، وَتَقْرِيرُهُ: فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَرَرُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَالْغَرَرُ غَيْرُ جَائِزٍ «لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ». وَالْغَرَرُ: مَا طُوِيَ عَنْك عِلْمُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ.

وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ غَرَرَ الِانْفِسَاخِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا مُتَوَهَّمٌ عَلَى تَقْدِيرِ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَيْسَ بِمَانِعٍ. وَلَا يُدْفَعُ بِأَنَّ عَدَمَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ أَصْلٌ لِأَنَّ عَدَمَ الْهَلَاكِ كَذَلِكَ فَاسْتَوَيَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِلتَّصَرُّفِ الْمُطْلَقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ وَلَيْسَ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرَ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَفِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ غَرَرُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ خَاصَّةً فَلَمْ يُلْحَقْ بِهِ.

وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ رُجُوعًا إلَى إطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَاعْتِبَارًا بِالْمَنْقُولِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْقَبْضِ فِيهِمَا وَصَارَ كَالْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا فِي الْعَقَارِ لَا تَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْجَامِعُ اشْتِمَالُهُمَا عَلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ الرِّبْحُ وَرِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ فَيَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>