وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ ﵀ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لِمَا رَوَيْنَاهُ لَهُمَا.
وَوَجْهُ الْفَرْقِ لِمُحَمَّدٍ ﵀ بَيْنَ هَذِهِ الْفُصُولِ وَبَيْنَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِيمَا يَظْهَرُ مَعَ بَقَاءِ الْبَدَلَيْنِ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَفِي الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مَعَ بَقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونَ تَفَاوُتًا فِي عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَفِي الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ
بِالرُّطَبِ يَجُوزُ مُتَمَاثِلًا كَيْلًا: أَيْ مِنْ حَيْثُ الْكَيْلُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀؛ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ يَتَفَاوَتُ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ: أَعْنِي عِنْدَ الْجَفَافِ فَلَا يَجُوزُ كَالْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ.
وَلَنَا أَنَّهُ بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مُتَسَاوِيًا فَكَانَ جَائِزًا وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ بِالْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ أَوْ الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ بِالْمَبْلُولَةِ أَوْ الْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ بِالْمَبْلُولَةِ أَوْ الْيَابِسَةِ أَوْ التَّمْرِ الْمُنْقَعِ بِالْمُنْقَعِ أَوْ الزَّبِيبِ الْمُنْقَعِ بِالْمُنْقَعِ، مِنْ أُنْقِعَ إذَا أُلْقِيَ فِي الْخَابِيَةِ لِيَبْتَلَّ وَتُخْرَجَ مِنْهُ الْحَلَاوَةُ جَائِزٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، هُوَ يَعْتَبِرُ الْمُسَاوَاةَ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ حَالُ الْجَفَافِ، وَمُفَرَّعُهُ حَدِيثُ سَعْدٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُهَا فِي الْحَالِ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ هَذَا الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لِحَدِيثِ سَعْدٍ ﵁ وَاحْتَاجَ مُحَمَّدٌ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْفُصُولِ: يَعْنِي بَيْعَ الْحِنْطَةِ الرَّطْبَةِ وَالْمَبْلُولَةِ إلَى آخِرِهَا، وَبَيْنَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ حَيْثُ اعْتَبَرَ الْمُسَاوَاةَ فِيهَا فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ وَفِيهِ فِي الْحَالِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّفَاوُتَ إذَا ظَهَرَ مَعَ بَقَاءِ الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَلَى الِاسْمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَهُوَ مُفْسِدٌ لِكَوْنِهِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِذَا ظَهَرَ بَعْدَ زَوَالِ الِاسْمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ عَنْ الْبَدَلَيْنِ فَلَيْسَ بِمُفْسِدٍ إذَا لَمْ يَكُنْ تَفَاوُتًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا كَانَ الْعَقْدُ وَارِدًا عَلَى الْبَدَلَيْنِ بِالتَّسْمِيَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِالْإِشَارَةِ إلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الذَّاتُ الْمُشَارُ إلَيْهَا وَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute