التَّفَاوُتُ بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الِاسْمِ فَلَمْ يَكُنْ تَفَاوُتًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ.
وَلَوْ بَاعَ الْبُسْرَ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْبُسْرَ تَمْرٌ، بِخِلَافِ الْكُفُرَّى حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا شَاءَ مِنْ التَّمْرِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَمْرٍ، فَإِنَّ هَذَا الِاسْمَ لَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا تَنْعَقِدُ صُورَتُهُ لَا قَبْلَهُ، وَالْكُفَرَّى عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ، حَتَّى لَوْ بَاعَ التَّمْرَ بِهِ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ وَالسِّمْسِمُ بِالشَّيْرَجِ حَتَّى يَكُونَ الزَّيْتُ وَالشَّيْرَجُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ فَيَكُونَ الدُّهْنُ بِمِثْلِهِ وَالزِّيَادَةُ بِالثَّجِيرِ) لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ يَعْرَى عَنْ الرِّبَا إذْ مَا فِيهِ مِنْ الدُّهْنِ مَوْزُونٌ، وَهَذَا لِأَنَّ مَا فِيهِ لَوْ كَانَ
لَا تَتَبَدَّلُ.
قَالَ (وَلَوْ بَاعَ الْبُسْرَ بِالتَّمْرِ إلَخْ) بَيْعُ الْبُسْرِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَمْرٌ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ التَّمْرَ اسْمٌ لِثَمَرَةِ النَّخْلِ مِنْ أَوَّلِ مَا تَنْعَقِدُ صُورَتُهُ وَبَيْعُهُ بِهِ مُتَسَاوِيًا مِنْ حَيْثُ الْكَيْلُ يَدًا بِيَدٍ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَبَيْعُ الْكُفُرَّى بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهُوَ كُمُّ النَّخْلِ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ مَا فِي جَوْفِهِ بِالثَّمَرِ جَائِزٌ مُتَسَاوِيًا وَمُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ؛ لِأَنَّ الْكُفُرَّى لَيْسَ بِتَمْرٍ لِكَوْنِهِ قَبْلَ انْعِقَادِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: وَالْكُفُرَّى عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ) قِيلَ: هُوَ جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْرِيرُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَمْرًا لَجَازَ إسْلَامُ التَّمْرِ فِي الْكُفُرَّى لَكِنَّهُ لَمْ يَجُزْ. وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّهُ عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَتَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فِي الْمَالِيَّةِ فَلَا يَجُوزُ الْإِسْلَامُ فِيهِ لِلْجَهَالَةِ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ إلَخْ) الزَّيْتُونُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الزَّيْتُ وَالشَّيْرَجُ الدُّهْنُ الْأَبْيَضُ، وَيُقَالُ لِلْعَصِيرِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ شَيْرَجٌ وَهُوَ تَعْرِيبُ شَيْرَهْ، وَالْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا مَا يُتَّخَذُ مِنْ السِّمْسِمِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُجَانَسَةَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ تَكُونُ تَارَةً بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ وَأُخْرَى بِاعْتِبَارِ مَا فِي الضِّمْنِ. وَلَا يُعْتَبَرُ الثَّانِي مَعَ وُجُودِ الْأَوَّلِ، وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُ قَفِيزِ حِنْطَةٍ عِلْكَةٍ بِقَفِيزِ مُسَوِّسَةٍ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مَا فِي الضِّمْنِ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الْأَوَّلُ يُعْتَبَرُ الثَّانِي، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ وَالزَّيْتِ مَعَ الزَّيْتُونِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ. فَإِذَا بِيعَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تُعْلَمَ كَمِّيَّةُ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْ الزَّيْتُونِ أَوْ لَا، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِتَوَهُّمِ الْفَضْلِ الَّذِي هُوَ كَالْمُحَقَّقِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُنْفَصِلُ أَكْثَرَ أَوْ لَا. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِتَحَقُّقِ الْفَضْلِ وَهُوَ بَعْضُ الزَّيْتِ وَالثَّجِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute