قَالَ (وَكَذَا شَحْمُ الْبَطْنِ بِالْأَلْيَةِ أَوْ بِاللَّحْمِ) لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ لِاخْتِلَافِ الصُّوَرِ وَالْمَعَانِي وَالْمَنَافِعِ اخْتِلَافًا فَاحِشًا.
قَالَ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا) لِأَنَّ الْخُبْزَ صَارَ عَدَدِيًّا أَوْ مَوْزُونًا فَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْحِنْطَةُ مَكِيلَةٌ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ،
بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَقْصُودِ كَالتَّبَدُّلِ بِالصَّنْعَةِ فِي تَغْيِيرِ الْأَجْزَاءِ مَعَ اتِّحَادِ الْأَصْلِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْمَقْصُودُ فَاخْتِلَافُهُ يُوجِبُ التَّغْيِيرَ وَاخْتِلَافُ الْمَقْصُودِ فِيهِمَا ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الشَّعْرَ يُتَّخَذُ مِنْهُ الْحِبَالُ الصُّلْبَةُ وَالْمُسُوحُ، وَالصُّوفُ يُتَّخَذُ مِنْهُ اللُّبُودُ وَاللِّفَافَةُ. لَا يُقَالُ: لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ بِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ لَمَا جَازَ بَيْعُ لَبَنِ الْبَقَرِ بِلَبَنِ الْغَنَمِ مُتَفَاضِلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا مُتَّحِدٌ فَكَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، فَإِنَّ لَبَنَ الْبَقَرِ قَدْ يَضُرُّ حِينَ لَا يَضُرُّ لَبَنُ الْغَنَمِ فَلَا يَتَّحِدُ الْقَصْدُ إلَيْهِمَا. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: قُلْنَا إنَّ اخْتِلَافَ الْمَقْصُودِ قَدْ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْأُصُولِ، وَلَمْ نَقُلْ اتِّحَادُ الْمَقْصُودِ يُوجِبُ الِاتِّحَادَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأُصُولِ، فَالْأَصْلُ أَنْ يُوجِبَ اخْتِلَافُ الْأُصُولِ اخْتِلَافَ الْأَجْزَاءِ وَالْفُرُوعِ إلَّا عِنْدَ التَّبَدُّلِ بِالصَّنْعَةِ، وَأَنْ يُوجِبَ اتِّحَادُ الْأُصُولِ اتِّحَادَ الْفُرُوعِ إلَّا عِنْدَ التَّبَدُّلِ بِالصَّنْعَةِ أَوْ اخْتِلَافُ الْمَقْصُودِ بِالْفُرُوعِ وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ نَقْضٌ، وَمِنْ هَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مَانِعٌ رَاجِحٌ فَلَا يُعَارِضُهُ اتِّحَادُ الْأَصْلِ، وَيَسْقُطُ مَا قِيلَ شَعْرُ الْمَعْزِ وَصُوفُ الْغَنَمِ بِالنَّظَرِ إلَى الْأَصْلِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمَقْصُودِ جِنْسَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْحُرْمَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَاجِحٌ
قَالَ (وَكَذَا شَحْمُ الْبَطْنِ بِالْأَلْيَةِ أَوْ بِاللَّحْمِ) جَائِزٌ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ لِاخْتِلَافِ الصُّوَرِ وَالْمَعَانِي وَالْمَنَافِعِ اخْتِلَافًا فَاحِشًا، أَمَّا اخْتِلَافُ الصُّوَرِ فَلِأَنَّ الصُّورَةَ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ فِي الذِّهْنِ عِنْدَ تَصَوُّرِهِ، وَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ عِنْدَ تَصَوُّرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْمَعَانِي فَلِأَنَّهُ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ لَا مَحَالَةَ. وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْمَنَافِعِ فَكَافِلَةُ الطِّبِّ.
قَالَ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْحِنْطَةِ) بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَالَ كَوْنِهِمَا نَقْدَيْنِ أَوْ حَالَ كَوْنِ أَحَدِهِمَا نَقْدًا وَالْآخَرِ نَسِيئَةً، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ عَدَدِيًّا أَوْ مَوْزُونًا فَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مَكِيلًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute